ولنا رأي

السودان إلى أين؟!

صلاح حبيب

انتقلت الاحتجاجات من خانة المطالب الضرورية وحل الأزمات الطاحنة في الخبز والوقود والسيولة إلى مطالب سياسية، وبلغ الاختناق بين المتظاهرين والأجهزة الأمنية مداه، وصعدت المعارضة صراعها واستمرت الاحتجاجات كر وفر بينها والحكومة، كانت مظاهرة أم درمان أمس الأول هي الأعنف منذ أن بدأت الجماهير تخرج إلى الشارع في التاسع عشر من ديسمبر الماضي، إن الحكومة مطالبة بالارتفاع إلى مستوى أكبر من تلك المظاهرات طالما أن رئيس الجمهورية هو رئيس هذه البلاد فعليه أن يظل هو رمز السيادة الوطنية وأن يعمل على حقن الدماء التي بدأت تروح كل يوم بسبب تلك الاحتجاجات، لن يضير السيد الرئيس أن وافق على استلام مذكرة من أولئك المحتجين أو المتظاهرين له أو للبرلمان مهما كانت تلك المذكرة ومهما كانت المطالب التي تحويها، فالجماهير التي خرجت إلى الساحة الخضراء أمس الأول وخاطبها السيد الرئيس كان بالإمكان أن يستمع إلى أولئك المحتجين أيضاً ويطيب خاطرهم، ونحن كشعب مسالم يمكن أن تكون ردة الفعل من قبل الرئيس إيجابية ويمكن أن يتقبلها الجميع بروح طيبة.. ولكن الإصرار من قبل الأجهزة الأمنية بضرب المتظاهرين وقتلهم فهذا لن يؤدي إلى حل المشكلة فستظل الاحتجاجات مستمرة ليل نهار وهذا سوف يرهق الأجهزة الأمنية وستكون كلفة الاستعداد كبيرة للأجهزة الأمنية وحتى تلك الأجهزة ومن يعمل فيها فهم بشر فالاستمرار يوميا في حالة استعداد سيصيبهم بالاختناق النفسي، وحتى لا نصل إلى تلك المرحلة يجب على العقلاء من الحكومة ومن المتظاهرين أو الجهات التي تقوم بتنظيمها عليهم أن يحكموا صوت العقل لأن الكل أبناء وطن واحد يهمهم الاستقرار والأمن، وإذا كان السيد الرئيس في مخاطبته إلى الجماهير بالساحة الخضراء أمس الأول وقال لهم أين تذهبون إذا تمزق الوطن وإلى أي دولة ستلجأون؟ في إشارة إلى مواطني سوريا واليمن وغيرها من البلدان التي فقدت الأمن فيها بسبب الاضطرابات التي حدثت وجعلتهم يطلبون الأمن والسلام والاستقرار من السودان، فحتى لا يكون الشعب السوداني لاجئ على السيد الرئيس أن يكوِّن وفداً من الطرفين للجلوس سويا من أجل حل المشكلة التي تطورت وأصبحت سياسية، وعلى تلك الجهات أن تصل إلى رؤية يتفق عليها الجميع في عملية الحل وليس بالصعوبة الوصول إلى ذلك، فهناك كثير من القضايا التي كان بالإمكان حلها في لحظات ولكنها تطورت بسبب العناد من قبل الطرفين الحكومة والجهة التي تخالف الحكومة، فلننظر إلى مشكلة “ياسر عرمان وعبد العزيز الحلو ومالك عقار” كلها كانت مشاكل بسيطة يمكن حلها ولكن التعنت جعل حلها أشبه بالمستحيل وها نحن نعاني منها وربما الذي نحن فيه الآن هو من إفرازات تلك المشكلة الصغيرة والتي تطورت حتى أصبحت من المشاكل المستعصية، فقبل أن نفقد البلد كما فقد الرئيس الأسبق “القذافي” بحماقته يجب أن يجلس الجميع في طاولة واحدة يناقشون قضايا الوطن بموضوعية بعيداً عن التعصب لرأي الفرد الواحد، والتجارب كثيرة أن كانت على مستوى الوطن إبان حُكم الرئيس الأسبق “جعفر نميري” أو على مستوى الدول المجاورة التي فقدت أمنها واستقرارها بسبب التعنت للرأي الواحد، مازال في الوقت فسحة لحل مشاكلنا بعيدا من التدخلات الخارجية، ونعلم جميعا كيف تنسج خيوط اللعبة الخارجية فقبل أن يكتمل النسيج على الجميع أن يجلسوا اليوم قبل الغد لنزع فتيل الأزمة نهائياً.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية