تقارير

القضارف قصة مدينة تحاصرها تلال من النفايات

تراكمت لأكثر من (4) سنوات

القضارف : سليمان مختار
باتت قضية إصحاح البيئة ببلدية القضارف من القضايا المزمنة والمستعصية عن الحل ،و التي استمرت لأكثر من ثلاثة أعوام ولا تزال تراوح مكانها ،وتراكمت تلال من النفايات في الشارع والخيران ، لا تخطئها عين ، منتشرة في الطرق الرئيسية والفرعية، والأكياس البلاستيكية معلقة على رؤوس الأشجار عند مدخل المدينة .
وظلت قضية تراكم النفايات في خور أبوفارغة الذي يفصل المدينة إلى منطقتين غربية وشرقية تؤرق المواطنين ، حيث تحول الخور إلى مكب رئيسي للتخلص من الأوساخ والنفايات بعد عجز بلدية القضارف عن إيجاد الطرق المثلى للتخلص من النفايات نتيجة أعطال طالت أسطول عربات نقل النفايات منذ أكثر من (4) سنوات، وعجز السلطات بالبلدية عن إيجاد بدائل لحل المشكلة ومعالجتها بصورة جذرية، الأمر الذي انعكس على مجمل الأوضاع الصحية والبيئية مما أدى إلى انتشار الأوساخ بالطرقات وشوارع المدينة وخلق اختلالاً صحياً و بيئياً غير مسبوق.
تراكم النفايات ينذر بأضرار بيئية جمة، بجانب عجز البلدية عن التخلص من النفايات الطبية لعدم وجود محارق متخصصة بالتخلص السليم منها بعد إغلاق المكب الرئيسي بقرية أم قويعد، جراء نزاع بين مواطني القرية والبلدية ، حول الأضرار والآثار الصحية التي ترتبت على إقامته دون مواصفات ومعايير، إذ أن المكب يبعد مسافة(100)متر عن القرية.
يرى الخبير في مجال إصحاح البيئة بالقضارف “محمد علي محمد” خلال حديثه لـ(المجهر) أن معدل حجم المنتج اليومي من النفايات بمدينة القضارف يبلغ(200) طن من الأوساخ ،وأن ثلث هذه الكمية يتم ترحيلها إلى مكب النفايات التابع للبلدية. فيما يقوم المواطنون بالتخلص من باقي النفايات بصورة عشوائية في خور أبوفارغة، والخيران المجاورة لمناطق سكنهم أو عن طريق حرق الأوساخ ،لافتاً إلى أن ذلك تترتب عليه مشاكل بيئية ، تؤثر على الإنسان والحيوان خاصة في وجود مياه راكدة بخور أبوفارغة بصورة دائمة ، وستسهم كل هذه العوامل في نقل الأمراض إلى الإنسان خاصة الأمراض التي تنجم عن التردي البيئي نتيجة لتجمع القوارض والحشرات والبعوض الناقل للأمراض، سيما أن الخيران لا تبعد كثيراً عن منازل المواطنين.
وأضاف إن مخاطر التلوث الصحي والبيئي بالبلدية تتفاقم يوماً بعد الآخر، لتشمل المكب الجديد الذي أقامته البلدية دون مواصفات ومعايير صحية ، وتم تنفيذه دون تخطيط سليم في منطقة توجد بها مزارع دواجن ومصانع للصناعات الغذائية ومناطق زراعية قريبة من مدينة القضارف .ولفت إلى أن ذلك أدى إلى تلوث بيئي كبير ألحق أضراراً بيئية بتلك المنشآت نتيجة لانتشار الذباب والحشرات والقوارض التي تجد من تلك الأماكن مرتعاً خصباً لالتهام بقايا المواد الغذائية، فضلاً عن أن موقع المكب هو امتداد حقيقي للحوض الجوفي لمياه العزازة، لافتاً إلى أن ذلك سوف يؤدي إلى تلوث المياه مستقبلاً إلى جانب تأثيراته على التربة الزراعية في تلك المناطق ، خاصة أن عمليات التخلص من النفايات لا تتم بالصورة العلمية.
ومضى “محمد علي” قائلاً ، إن النفايات الطبية تمثل خطراً لجهة عدم التخلص منها بالصورة المثلى لأن المكب يفتقر إلى وجود محرقة للنفايات الطبية، إلى جانب الأضرار الصحية الناجمة عن عدم التخلص من الأكياس البلاستيكية التي تحتوي على مادة (الدايوكسين) وهي المسبب الرئيسي لمرض السرطان.
وأشار إلى أن المعالجات تكمن في إيجاد مكب بمواصفات ومعايير صحية لإعادة تدوير النفايات في موقع بعيد عن مدينة القضارف لمنع الأضرار الناجمة عن النفايات، وزيادة متحركات أسطول نقل النفايات، والقيام بحملات إصحاح البيئة داخل الأحياء بصورة دورية، ونشر الوعي والثقافة الصحية وسط المواطنين في كيفية التخلص من الأوساخ التي تمثل حائط الصد لحماية وسلامة صحة المواطنين، والمحافظة على البيئة وتفعيل قوانين الصحة العامة بالأحياء وأسواق مدينة القضارف عبر القوانين وسن التشريعات والأوامر المحلية .
“سامية محمد إبراهيم” أمينة المجلس الأعلى للبيئة بولاية القضارف، بعيداً عن حديث محدثنا السابق ، قالت خلال حديثها ،إن قضية التخلص من النفايات ببلدية القضارف ظلت ماثلة منذ أربعة أعوام وأصبحت من المهددات البيئية الصحية لمواطني المدينة، وإن التخلص من النفايات في الخيران بصورة يومية يزيد من المخاطر الصحية والبيئية مقارنة مع حجم النفايات المنتجة من كافة أحياء المدينة ، وأشارت بأن المواطن لا يكترث لمغبة انتشار وتفشي الأمراض، فضلاً عن التلوث البصري وتلوث الهواء، خاصة أن عمال الصحة بالبلدية يعمدون أحياناً إلى حرق الأوساخ في الخيران، وأرجعت لجوء المواطنين لرمي الأوساخ في الخيران جراء النقص الكبير لأسطول عربات نقل النفايات التابع للبلدية، وقالت إن البلدية تملك في الوقت الحالي (7) ) تراكتورات و(5) عربات بجانب عدم وجود مواعين التخلص المؤقت من الأوساخ داخل الأحياء ، فضلاً عن عدم وجود مكب بمواصفات صحية ،وأن عدم وجوده يمثل كارثة، وتساءلت كيف تعجز البلدية عن إنشاء مكب دائم للتخلص من النفايات منذ إغلاق المكب القديم الذي قامت بإنشائه عبر برنامج التوأمة مع مدينة أيدهوفن الهولندية ومن ثم قامت بإنشاء مكب آخر تم إغلاقه أيضاً بعد نزاع مع مزارع كسب القضية ضد البلدية أمام المحكمة لتضرره من قيام المكب على مشروعه، فلجأت إلى إنشاء المكب الحالي الذي يواجه ذات المشاكل .وأرجعت “سامية” فشل قيام مكب دائم لتنفيذ المكبات السابقة بصورة عشوائية دون مشاركة ومشاورة الجهات ذات الصلة خاصة المجلس الأعلى للبيئة، وكشفت عن إعداد المجلس تقارير حول موقع المكب الجديد بعد أن تلقى شكاوى من أصحاب مزارع الدواجن التي تقع بالقرب من المكب، والتي تأثرت منه بيئياً وصحياً، مما اضطر أصحاب المزارع للجوء للمحكمة، وأشارت إلى أن التقارير أثبتت عدم مطابقة المكب للمواصفات الصحية والبيئية، خاصة أن المكب به عمليات حريق يومية تتم بصورة غير علمية قد تؤدي إلى أضرار بتلك المصانع التي تبعد عن المكب مسافة لا تتجاوز (170) متراً ، فضلاً عن أن عمليات الحريق تسبب تلوثاً هوائياً وبصرياً بالمنطقة، وأكدت أن قضية التدهور البيئي والصحي سوف تظل قابلة للتفاقم طالما بقيت أسبابها قائمة.
وحذرت “سامية” من قضية النفايات الكيماوية وكيفية التخلص منها ، وأضافت أن المجلس تلقى شكاوى من وجود حاويات تحوي مخلفات وبقايا مواد كيماوية مضرة بوزارة الصحة يمكن أن تحدث أضراراً بالغة بالعاملين ومدتها منتهية ولم يتم التخلص منها. إلى جانب خطورة عدم التخلص من النفايات الالكترونية مثل بقايا الأجهزة الالكترونية كالموبايلات.
وختمت “سامية” حديثها بأن ذلك يتطلب إنشاء مكب جديد بمواصفات علمية ليسهم في حل أزمة التخلص من النفايات وإعادة تدويرها بصور علمية .

واشتكى قطاع عريض من المواطنين القاطنين جوار خور أبوفارغة من اﻻنتشار الكثيف أسراب البعوض والذباب داخل المنازل خاصة أثناء ساعات الليل من الخور.
. وأشار عدد من المواطنين في تصريح لـ(المجهر) أمس أن توقف عربات نقل النفايات وعدم دخولها للأحياء خلق بيئة متردية صحياً داخل اﻻحياء ، إلى جانب وجود المياه الراكدة التي أصبحت مرتعاً خصباً ﻻنتشار البعوض وتوالد الذباب نتيجة لغياب حملات إصحاح البيئة داخل الأحياء . وتخوفوا من تفاقم التردي البيئي في ظل تواصل هطول الأمطار، وغياب السلطات المختصة بالبلدية للقيام بحملات الرش والمكافحة، وقالوا إن السلطات الصحية بالبلدية ﻻتحرك ساكناً لمعالجة تلك الأوضاع.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية