أزمة الخبز التي أدت إلى خروج المتظاهرين إلى الشوارع الفترة الماضية، كان السبب الأول فيها مطالب أصحاب المخابز بزيادة دعم جوال الدقيق، رغم أن الحكومة سبق أن قامت بالدعم مرتين وها هي الحكومة تستجيب إلى مطالب أصحاب المخابز بعد هذه المظاهرات التي أدت إلى وفاة العديد من أبناء الشعب السوداني فالحكومة لو استجابت من قبل إلى تلك المطالب لجنبت البلاد والعباد تلك الاحتجاجات ولكن الحكومة دائماً تأتي متأخرة، ولكن حسنا فعلت بتلك الزيادات أن كانت مقتنعة بها أو لم تفتنع ففي النهاية تهدي من ثورة الجماهير، وكما يقولون الجوع كافر وما خرج المواطنون إلا بعد أن وصل الحال إلى البطون، إذ إن الأزمة التي كانت بسبب الخبز تكون الحكومة قد وصلت إلى حل لها ولا مبرر تاني من قبل المواطنين أن كانت الأزمة فعلا أزمة خبز، أما أن كانت الأزمة مطلب آخر، فالحكومة لا شأن لها بذلك، فالمحتجون يكونوا قد خرجوا من المطالب الأساسية إلى مطالب أخرى يتحملون نتائجها، فالآن الحكومة توفر دقيق الخبز بعد أن رفعت قيمة الجوال إلى أصحاب المطاحن أو المخابز إلى ستمائة جنيه بدلا من (450) جنيهاً أي أن الزيادة كانت هذه المرة مائة وخمسين جنيها ولا أظن أن أصحاب المطاحن لديهم أي مبررات للزيادة مرة أخرى فإن استجابة الحكومة تكلفها الكثير، فبعد تلك الزيادة في جوال الدقيق ستعمل المطاحن على توفير مائة ألف جوال من الدقيق توزع على ست مطاحن: الحمامة وروتانا كل واحدة منهما تمنح عشرة آلاف جوال وويتا ستة عشر ألف جوال وعشرين ألف جوال إلى سيقا وأربعة وأربعين ألف جوال إلى سين للغلال، وتحظى ولاية الخرطوم، يوميا بسبعة وأربعين ألف جوال، بينما تنال الولايات ثلاثة وخمسين ألف جوال يوميا، وهذا يعني أن أزمة الخبز التي كانت سببا في المظاهرات انتفت أسبابها بهذه الكميات الكبيرة من الدقيق، إن أصحاب المطاحن هم أسباب تلك الضائقة التي يعيشها الشعب إذا كانت فعلا تلك الأزمات بسبب مطالبهم والعمل على زيادة دعم الحكومة لجوال الدقيق بهذه المبالغ، ويمكن أن نقيس على ذلك فإن الأزمات التي يعيشها الشعب من أزمة في الوقود جازولين وبنزين ربما نفس الأسباب التي ظل يطالب بها أصحاب المطاحن وبدأوا في الضغط على الحكومة كل مرة، فكلما رفعت الحكومة السعر لهم طالبوها مرة أخرى حتى انفجر الشارع فالحكومة لو كانت واعية كانت ىتستبق المطاحن بتوفير كميات كبيرة من الدقيق قبل أن تطالب المطاحن بالزيادات كما فعل من قبل وزير المالية الأسبق “بدر الدين محمود” في الأزمات الأولى فاستبق المطاحن فعمل على توفير الدقيق بكميات كبيرة، فحينما بدا أصحاب المطاحن الضغط عليه اخرج مخزونه من الدقيق فلم يستطيعوا أن يفعلوا شيئا، ولكن الجنرال “الراكبي” وعدم خبرته بمكر أصحاب المطاحن لم تجعله ينتبه إلى المصيدة التي أوقعوه فيها، وكانت سبباً إلى تلك التظاهرات وظلت الحالة الاقتصادية تمر من سوء إلى اسوأ حتى مجيء الأستاذ “معنز موسى” رئيس مجلس الوزراء وزير المالية، إذاً إن مشكلة أزمة الخبز بعد تلك الزيادات لا مبرر لها وينبغي من اليوم أن تكون كل المخابز بالولاية أو ولايات السودان المختلفة قد انتفت تماما وإذا كانت هناك أي أزمة من المفترض أن تحاسب الحكومة أصحاب المطاحن بعد الاتفاق الذي وقع معهم.