اليوم يستشرف العالم عاماً جديداً ويطوى آخر بكل ما حمل من مسرات أو منغصات، نتمنى من الله عز وجل أن يداويها ويبعدها هذا العام. بيد أن الطابع الأعم هو الأخير سيما على أهل السودان، حيث أضرت السياسات والسياسات الاقتصادية تحديداً بالناس ومعاشهم ما انعكس سلباً على مجريات حياتهم على كافة الأصعدة، طبعاً هذا بخلاف الأمور الاجتماعية التي تتفاوت من مجتمع لآخر ، وكذا الأفراد (برضو على كافة الأصعدة).
من الثوابت أن الاحتفال بالعام الميلادي الجديد يتزامن مع احتفالات البلاد بعيد الاستقلال المجيد الذي شكل علامة فارقة في تاريخه ككيان مستقل يحكمه أهله بعد تعاقب عدد من الحكومات، تمتعت كل منها وتميزت عن سالفتها ، ومع ذلك ورغم التقدم والتطور الذي صاحب كل فترة كيفما اتفق ظلت لكل منها إشراقاتها وكذا مآخذها وعيوبها وذات التدني الاقتصادي للحد المشابه للحالي سيطر على تلكم الفترات ودفع كذلك للمطالبة برحيل القادة، وفي استطلاع لتقييم فترة “نميري” مثلاً والتي تفاوتت ما بين مادح وقادح وصفه أحد المراقبين بأنه من أوصل البلاد إلى مرحلة الانهيار الكامل وقتها وأن المديونية العالية التي تركها وراءه كانت سبباً من أسباب فشل الديمقراطية الثالثة، التي جاءت بعد الانتفاضة الشعبية عام 1985 ، فضلاً عن تركه السودان تنهشه الحروب الأهلية وأن ما يربو على الـ(90%) هاجروا إلى خارج البلاد. وبالمقابل هنالك من عدّد محاسن عهده لكني قصدت إبراز السابق من المساوئ لمضاهاتها بالعهد الحالي والتي تتشابه إلى حد كبير.
بيد أن الشاهد ومع القفزات والتطور العقلي والتكنولوجي ما كان ينبغي لبلد مثل السودان يتمتع بالكثير من الموارد التي جعلته فريسة يتربص ويتطلع إلى نهشها الكثيرون أن يتنزل به إلى هذا الدرك السحيق من التدهور الاقتصادي المريع للحد الذي استعصى على أهل الحل والربط ترفيعه أو حتى ترفيعه.
(2)
والمواطن والحكومة يستقبلون العام الجديد بالأمنيات والتضرع إلى الله، دعا رئيس مجلس الوزراء مهندس “معتز موسى” ألا يكون العام الجديد عام (رمادة) وكأني به يقر بأن السابق كان كذاك العام، وبالرغم من أنه قفز متخطياً لجماعة سنة ستة العام 1984/ 1306 هجرية التي ضربت السودان وبلغ فيها الناس مبلغاً من الجوع لا يقل عن (الرمادة).
نتمنى كذلك مع السيد (موسى) ذلك، ونضيف أن حالة الشظف تلك كانت بسبب عوامل الطبيعة من جفاف للزرع والضرع لعدم هطول الأمطار وخلافه وليس لولاة الأمر بها دخل، إلا أنه ومع ذلك وفي عام (الرمادة) أفرغ سيدنا “عمر- رضي الله عنه” خزائن الطعام والمال من بيت المال حتى أنفذه وألزم نفسه ألا يأكل سمناً حتى يُكشف ما بالناس، فكان في زمن الخصب يبعث له الخبز باللبن والسمن فتحول في عام (الرمادة) للزيت والخل وكان يستمرئ ولا يشبع. فهل فعلها قادتنا وفعلوا سياسة التقشف التي دعوا لها؟