ولنا رأي

هل الودائع حلاً لمشاكلنا؟!

صلاح حبيب

كلما برزت على السطح مشكلة في الجانب الاقتصادي نسمع أن الدولة الفلانية تقدمت بوديعة إلى الدولة لحل الضائقة الاقتصادية، ولكن إذا نظرنا إلى تلك الودائع التي يقدمها لنال الإخوة العرب لم يصمد الاقتصاد الوطني فترة طويلة أمامها، فتعود الأزمة من جديد بل ربما تكون اسوأ مما كانت عليه، فالآن وبعد اندلاع المظاهرات في معظم المدن السودانية، بسبب ارتفاع الأسعار، سمعنا أن دولة قطر الشقيقة أقدمت إلى الدولة بوديعة مليار أو ملياري دولار، للمساهمة في حل الأزمة التي تجري الآن، فأين كانت تلك الوديعة؟ ومهما كان مبلغها فإنها لن تحل لنا المشكلة الاقتصادية المتراكمة.. فالدولة إن لم تعتمد على نفسها وتحريك الشعب، فلن تنفع عشرات الودائع التي تقدمها لنا الدول الصديقة أو الدولة التي تعطف على السودان ومحاولتها إنقاذه مما هو عليه، فقبل الأزمة الحالية والتي حركت الشعب السوداني، سبق أن سمعنا أن دولة قطر تقدمت إلى السودان بوديعة مقدارها ملياري دولار، ولكن أين تلك الوديعة؟ وماذا فعلت الدولة بها؟ فهل تحرك الاقتصاد من المحطة التي يقف فيها أم تراجع إلى الوراء؟، إن المشكلة التي نعاني منها الآن وأدت إلى خروج هذه الجماهير إلى الشارع هي المعيشة، وحينما تجوع البطن فلا أحد ينتظر وعوداً أخرى، ولن يسمع كلام الحكومة نعمل ليكم كذا والبواخر محملة بالدقيق والوقود في بورتسودان، فكل هذه الوعود لن تجدي فيجب على الدولة أن سلمت وديعة مليارية عليها أن تحركها حتى تعود أكثر من المبلغ الذي دفع، فالدولة مطالبة بتحريك الزراعة والصناعة وأن تعفى رسوم الضرائب حتى يحس المواطن بالأمن والأمان ليواصل الإنتاج، فإن انتظرنا إعانات الدول وودائعهم فلن نتقدم شبراً واحداً، فلتأخذ الدولة بتجارب الدول التي كانت متأخرة مثل الصين واليابان وتركيا وغيرهم من الدول التي بدأت جادة ثم وصلت أخيراً إلى مبتغاها، وتلك الدول المتأخرة أصبحت الآن من الدول التي تتربع على العرش مع مثيلاتها من الدول المتقدمة في العالم، فالسودان غني بموارده وربما أفضل بكثير من الدول حتى التي الآن في المقدمة، فالدولة يجب أن تحرك الشعب إلى الإنتاج بدلاً من تحريكه تجاه المظاهرات التي تقضي على ما هو موجود، فمشروع الجزيرة حينما تردد كثيرا في وسائل الإعلام أن الدولة دمرت مشروع الجزيرة كان ينبغي عليها أن تنفي تلك الأقاويل وأن تعمل جادة لإعادة المشروع إلى عهده الذهبي، باعتباره المورد الوحيد الذي يغذي خزينة الدولة بالعُملات الصعبة، من عائد القطن والسمسم والفول وغير ذلك من المنتجات الزراعية التي كانت تعول عليها الدولة في دعم الخزينة بالعُملات الصعبة.. فلم نسمع صوتاً حكومياً واحداً تصدى إلى تلك الأقاويل وقال إن الحديث الذي يدور حول مشروع الجزيرة وإسهام الدولة في تحطيمه كلام لا يمت إلى الحقيقة بصلة، وكذا الحال ينطبق على كثير من الأمور المتعلقة بالدولة والتي تحتاج إلى استفسارات المواطنين عنها، فأحيانا الدولة تستسهل الأمور ولا تجيب على التساؤلات في وقتها وعندما يقع (الفاس في الراس) تحاول أن تبرر أو تحاول أن تجد لها عذراً للمخارجة، فقبل اندلاع تلك المظاهرات كان الوقت كافياً لتجنب البلاد مثل تلك الأحداث.. ولكن التعنت وعدم مواجهة الأمر بواقعية هو الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه الآن، لذا يجب أن تعترف الدولة بالخطأ ومن ثم العمل على معالجته بدلاً من الصمت الذي يؤدي في النهاية إلى الهاوية.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية