معلوم أن المعالجة الحقيقية لأي قضية ما تبدأ بالاعتراف أولاً بها من ثم يمكن أن تمسك بدروب الحل، وحسناً فعل كل المسؤولين في الحكومة والحزب الحاكم بأن اعترفوا في تصريحاتهم في أعقاب التظاهرات الأخيرة أولاً بوجود أزمة حقيقية استدعت الناقمين على تدهور الأوضاع الاقتصادية للخروج إلى الشارع، وثانياً الاعتراف بأن التظاهر حق شرعي كفله القانون دون أن يتعدى إلى أعمال شغب أو خراب ودمار على نحو ما حدث في القضارف وعطبرة وبعض مدن الولايات، لم يشذ مسؤول أو يكابر على واقع الحال والذي يتحدث عن نفسه والبلد تصل مرحلة متأخرة من تدهور الأوضاع.
تابعت زيارة ممثلي الحزب والأحزاب الأخرى إلى الولايات التي شهدت تظاهرات وخسائر كبيرة بخاصة في القضارف وعطبرة، حديث شفاف بين عضوية المؤتمر الوطني كان يركز على ما بعد هذه التظاهرات وأنه ينبغي معالجة الأسباب الحقيقية حتى لا تحدث أي انتكاسة ونعود إلى هذا المربع، رئيس القطاع السياسي د. “عبد الرحمن الخضر” وهو يخاطب قيادات حزبه بولاية القضارف أقر ودون أدنى تردد بإخفاق من جانبهم في المؤتمر الوطني والحكومة، كانت نتائجه تلك الثورة التي هبت يوم (الأربعاء) الماضي واستمرت ليومين، قرأت ما قال به الرجل لدرجة أنني شككت في أن هذا الكلام الصادر من مسؤول كبير بالحزب الحاكم، مندوب المؤتمر الوطني إلى ولاية نهر النيل “محمد مصطفى الضو”، لم يقل كثيراً عن حديث “الخضر” الشفاف، وما قال به “محمد مصطفى” تزداد قيمته عندما نعرف أن الرجل هو نائب رئيس القطاع السياسي.
كل هذا الحديث إما في تصريحات صحافية أو خلال لقاءات مع قيادات حزب المؤتمر الوطني، ولكنني متأكد لو أن هذه التصريحات والاعترافات خرجت إلى الساحات والى الجماهير لتعامل معها بمسؤولية أكبر على اعتبار أن هذا يعني اعترافاً، والاعتراف تتبعه المعالجة، لذلك لا بد من أن يكون حزب المؤتمر الوطني بحجم هذا التحدي في مقابلة المعالجات وإزاحة آثار الغضب الشعبي الذي تحول إلى تخريب وتكسير .. والله المستعان.