توصلت الأطراف المتصارعة في اليمن (الحوثيين والحكومة) إلى وقف إطلاق النار بعد وساطة تمت في السويد، ولعب ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” دوراً كبيراً مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في ذلك، فالحرب التي اندلعت في اليمن السنين الماضية حصدت الكثير من الأرواح بل أدت إلى تحطيم البنية التحتية للدولة، فخسر الوطن دولة كانت تسمى اليمن السعيد، كما خسرت الأبناء الذين أصبحوا لاجئين في دول العالم، فالاتفاق الذي تم هو بمثابة روح جديدة وثقة بين كل الأطراف.
إن أبناء العالمين العربي والأفريقي هما ممن يتجنون على بعضهم البعض وهما ممن يؤدون إلى ضياع دولهم، فاليمن تلك الدولة الآمنة والمستقرة لا أحد كان يتوقع أن تصل إلى هذه المرحلة من الخراب والدمار، من خربها؟ هم الأبناء.. بلد الحضارة والتاريخ والأمجاد تصل إلى هذه المرحلة من الدمار والضياع، وحسناً فعل المجتمع الدولي، وحسناً أفاق أبناء اليمن من سُباتهم وعادوا إلى رشدهم لإصلاح ما أفسدوه بأيديهم، ونأمل أن تتعظ الحكومة والحوثيون من تلك الحرب وأن يبدوا كما بدأ (التوتسي والهوتو) في رواندا، فعادوا إلى رشدهم بعد أن حصدت الحرب الأهلية آلاف الضحايا منهم، فرواندا الآن من دول المقدمة ونبذ المتحاربين فيها النعرة القبلية، وأصبح كل شخص فيها يتحدث عن أنه رواندي لا توتسي ولا هوتو، فأصبحت رواندا من أجمل البلاد الأفريقية خلال فترة زمنية وجيزة، وليس ببعيد أن تعود اليمن من جديد وتحمل نفس الاسم القديم الذي وصف بها اليمن السعيد، وكما ذكرت في البداية فإن العرب والأفارقة هم من يخربون بيوتهم وبلدانهم بأيديهم، فالربيع العربي الذي غشاها ما كان إلا حرباً أدت إلى خراب ودمار الأمة، فأين ليبيا الآن؟ بعدما كانت من أجمل الدول العربية أمناً واستقراراً، وأين بقية الدول العربية التي حاول أبناؤها إحداث الثورة فيها حتى هذه اليمن أن لم تلحق نفسها من خلال هذا الاتفاق وإعادة رشد القائمين على أمرها كان بالإمكان أن تظل اليمن اسم في الخريطة العربية أو الدولية، فالفرصة مازالت مواتية لإكمال المشوار بين الطرفين، فالسجون مليئة بالمعتقلين من الجانبين والخراب والدمار قضى على كل شيء حتى العُملة أصبحت ورقاً لا يفي باحتياجات المواطنين، فما حدث في اليمن أضاع عليها كثير من التطور والنهضة، فالكل يريد أن يعتلي كرسي السُلطة، والسُلطة هي التي أفسدت الشعوب غير المتحضرة، فإذا نظرنا إلى الدول الأوروبية فلن نجد الذي يحدث في أفريقيا والدول العربية، حتى نحن في السودان لم نسلم من صراع السُلطة، فالسودان كان من أفضل البلاد العربية والأفريقية أمناً واستقراراً، ولكن الأبناء هم الذين يسعون إلى خرابه، فاشتعلت حرب الجنوب واستمرت إلى عشرات السنين والخاسر كان الوطن، ولم تتوقف الحرب بين الجنوب الشمال فظلت حربا مشتعلة رغم الاتفاق الأول في 1972 اتفاقية أديس أبابا، فالإخوة الجنوبيون الذين تعلموا في الدول المجاورة ظل معشعش في رؤوسهم أنهم مواطنون من الدرجة الثانية في الشمال، رغم أنهم يحظون بكل شيء من تعليم وسُلطة ولكن الوهم الذي عشعش في رؤوسهم لم يخرج، إلى أن جاءت اتفاقية نيفاشا ووضع بند الانفصال واحدا من الشروط رغم أنه لم يكن صريحاً .. ولكن في النهاية انفصل الجنوب وضاع الشمال والجنوب.. والسبب كراسي السُلطة، فالفرصة ما زالت موجودة لينعم أبناء الشعبين في أمن وسلام واستقرار رغم الانفصال، والفرصة متوفرة لأبناء اليمن إلى تحويل الاتفاق إلى واقع لينعم الجميع بالأمن والاستقرار ولتنعم المنطقة جمعاء بذلك.