ولنا رأي

الدنيا لا تأمنها!!

صلاح حبيب

لم يتوقع أحد من تجار سوق أم درمان الذين احترقت دكاكينهم أن يصبح الواحد معدم بعد أن كان يمتلك المليارات ـ لم يتوقع أحد منهم أن يكون مثله ومثل الذين يأتون إليه كل صباح من الفقراء والمساكين الذين يجود عليهم أو يرفض أن يعينهم من ماله أو من مال الله الذي أعطاه إياه، أن هذه الدنيا لا أمان لها ففي لحظات يمكن أن تكون أغنى الناس وفي لحظات يمكن أن تكون أفقر الناس، وكما يقال حينما تمر على الغنى أو الملك أو سيد القوم وتجور عليه الدنيا ويعود فيها مسكينا ذليلا يقال ارحموا عزيز قوم ذل، الامتحانات كثيرة ولكن الإنسان هو الإنسان لا يتعظ من المصائب التي تحل به أو بغيره، فيظل يتمادى فيما يفعل في هذه الدنيا من معاصٍ وأكل حقوق الغير، ولكن الدنيا لابد أن تعيده إلى صوابه في يوم من الأيام، فالذي حدث ليلة (السبت) بسوق أم درمان والتي لم يتوقع أحد من أولئك التجار الذين ذهبوا إلى بيوتهم مطمئنين ولكن ها هي أقدار الله تحل بالمرء من غير أن يدري الذي يحدث له، وهنا أسوق هذه الفاجعة التي أحلت بأهل زوجتي بالوفاة المفاجئة لابن الأسرة الباشمهندس “يسري مسعود” الذي يعمل بالمملكة العربية السعودية، منذ عشرات السنين فلم يكن يدري أن مصيره وانتقاله إلى الدار الآخرة بهذه السرعة وبهذه الميتة السريعة، لم يشكُ الباشمهندس “يسري” من أي مرض فكان في مراجعة إلى طبيب الإنسان لحشوة ضرس فذهب إلى المستشفى بعربته ولوحده، فحينما بدا إجراءات مقابلة الطبيب داهمته النوبة القلبية، ولم يعتقد أن تلك اللحظة هي لحظة، الفراق من هذه الدنيا، فبدا يسجل بياناته ويمسك بصدره مرة ومرة أخرى.. وفجأة سقط على الأرض وموظفة أخذ البيانات تقف على الكاونتر في انتظار استلام البيانات ولكنها تفاجأت أن المريض سقط أمامها فجأة فانتقلت روحه إلى بأرائها في ثوانٍ، هذه هي الدنيا التي نتصارع من أجلها، نتآمر على بعض .. ونأكل أموال بعض، ونتصارع من أجل كرسي السُلطة ولا أحد يعلم أن لحظة الفراق في دقائق كما الذي حدث للأخ “يسري” أو الذي حدث لإخواننا تجار سوق أم درمان الذين أصبحوا معدمين من المال بعد أن كانت خزنهم تحتوي على المليارات من الجنيهات أو الدولارات، لا ادري لماذا لا يتعظ الناس والشواهد أمامهم كل يوم والرحيل من هذه الدنيا كل دقيقة وكل ثانية، كثير ما نشاهد في مقاطع الفديوهات التي ترسل عبر الواتس انتقال الإنسان في مشاهد مؤثرة مثل قارئ القرآن الإندونيسي الذي كان يقرا في سورة يس وحينما وصل إلى إحدى الآيات انتقل إلى الرفيق الأعلى أمام جمهرة من الناس في الاحتفال الكبير الذي أقيم بمناسبة دينية تقريبا أو كالذي كان يصلي فلم يرفع من السجود، لذا يجب أن نتعظ شعبا وحكومة من غدر الدنيا التي لا أمان لها، فهما بلغت من العلم والمال والجاه فإنك راحل منها في ثوانٍ، فكثير من الدروس والعبر أمامنا ولكن لا نتعظ منها حتى المشيعين الذين يذهبون إلى المقابر لدفن قريب أو حبيب لهم تجدهم يبيعون ويشترون داخل المقابر، ولا يتعظون من انتقال الشخص الذى يدفن أمامهم وكان معهم قبل ساعات، أيها الأحباب لا تأمنوا الدنيا فاعملوا لآخرتكم فالعمل الصالح هو الذي ينفع المرء.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية