تتحدث الدولة كثيراً عن الأولويات ووضعها للخطط والبرامج التي يتم تنفيذها، ولكن في الغالب أن الدولة لا تعمل بالأولويات، ولو وضعت خطة لمدة زمنية محددة لإنجاز ولو عمل واحد كبير لكفاها بدلاً من التشتت التي عليه الآن ، ففي الفترة الماضية تحدثت الدولة عن معاش الناس، ولكن حتى الآن لم ير المواطن أي عمل جاد في ما يتعلق بهذا البند ، فالحياة أصبحت من المستحيلات على المواطن البسيط لا أكل ، ولا شراب ولا تعليم ولا صحة، كل البنود مفتوحة على الآخر، فإذا ركزت على التعليم مثلاً وقالت نحن في هذا العام سنعمل عليه أن يكون التعليم مجانياً في كل المؤسسات التعليمية من مرحلة الأساس حتى المرحلة الجامعية كما كان في الماضي، ولكن هذا البند أصبح من أصعب البنود على الأسر حتى مرحلة الأساس ليست في استطاعة الأسرة الفقيرة، فكيف تتحدث الدولة عن إلزام كل تلميذ بلغ سن التعليم أن يلحق بالمدرسة، كيف يلحق بالتعليم وهناك مصروفات دراسية مفروضة عليه وعلى أسرته التي لا تستطيع الحصول على قوت يومها ، لذلك انتشر طلاب المدارس بالشوارع وفي الإشارات الضوئية يمسحون زجاج السيارات من أجل الحصول على بضعة دراهم يعودون بها إلى أسرهم،وهناك تلاميذ يعملون في مسح الأحذية وفي الأسواق وفي ورش الحدادة والنجارة وهم في سن التعليم، فالعالم كله يركز على التعليم لأن النهضة لا تأتي إلا من خلال المتعلمين، فإذا جعلت الدولة همها الأول في هذا البند المهم لاستطاعت أن تصل إلى مبتغاها.. ولكن الدولة تضع خططاً وبرامج دون تنفيذ.. فسمعنا كثيراً عن الخطة الخمسية والعشرية فلم نجن إلا السراب، فالحال هو نفس الحال، فهل يصدق أحد أن الدولة التي جاءت من أجل إنقاذ المواطنين ما زالت عاجزة عن توفير قطعة الخبز والماء النظيف والوقود إلى مواطنيها، أين ذهبت كل السنين، وأين ذهبت الأموال الطائلة التي دخلت خزينة الدولة، ومن حق الإسلاميين أنفسهم مثل الدكتور “الجميعابي” أن يتساءلوا عن أموال البترول الكثيرة التي دخلت خزينة الدولة.. وأين ذهبت تلك الأموال؟ وأين صرفت؟ ولماذا عجزت الدولة عن حل مشكلة الدقيق والوقود وهي تقترب من العام الثلاثين من عمرها، إن الدولة لم تعمل وفق رؤية محددة بل تعمل بما يقوله لها بعض الأشخاص ، إن كان حديثهم صائباً أو خائباً، ولكن في أغلب الأحيان لا يكون حديثاً موفقاً مما يستدعي ولاة الأمر اتخاذ قرارات أخرى بإقالة هذا وإعادة هذا إلى المقعد، وإن كان قد شغله من قبل، ففي الفترة الماضية تحدث الناس والإعلام عن إخفاق وزير المالية الجنرال “الركابي” في سياسته وأضاع البلاد والعباد وطالب البعض بإقالته، ولكن الدولة كانت ترى غير ذلك، فظل الرجل في مكانه والدولة كل يوم في حالة تدهور وتراجع، ولكن هل كان الإخفاق منه أم من السياسات الكلية للدولة، بالتأكيد الوزير لا يعمل بمفرده بل يعمل وفق منظومة كاملة تقوم بها الدولة وهو لا يعمل إلا بما يقال له، فإن كان صائباً في قراراته وتم اعتراضها فتقدم باستقالته من تلقاء نفسه لأن الحكومة لم تستمع إلى رأيه، ولكن إن صبر على ذلك فهو شريك في الإخفاق، فجاء الأستاذ “معتز موسى” ، وظن الكثيرون أنه يحمل (عصا موسى) والحل بيده في بضعة أشهر، ولكن كان الإخفاق أكثر من سابقه، فارتفع الدولار إلى ما يقارب الستين جنيهاً بعد أن كان في فترة وزير المالية السابق في العشرينات، إذاً هناك تخبط وعدم دراسة للواقع، فكل شيء سماعي فلان قال كده ممكن تتحل المشكلة، مشينا على هذا القول حتى فقدنا صوابنا ،ولم نركز على شيء واحد حتى يمكن إنجازه ومن ثم الانتقال إلى الآخر.. لذلك تتواصل الأزمات يومياً فما لم نحدد الأولويات فلن نصل إلى الحلول.
اشترك بالنشرة البريدية ليصلك كل جديد
مقالات ذات صلة
شاهد أيضاً
إغلاق