قانون الصحافة الجديد.. مزيداً من العقوبات!!
رؤساء التحرير في انتظار مزيد من العنت والمشقة والعقوبات المشددة والرادعة في قضايا النشر، التي نصت عليها مسودة قانون الصحافة والمطبوعات الجديد.. الأستاذة “عفاف تاور” رئيس لجنة الإعلام بالبرلمان، أكدت أن مسودة القانون الجديد وافق عليها رئيس البرلمان.. لا ندري كيف يوافق أو يناقش المجلس أو أية جهة أخرى قانوناً ولا يشرك فيه أهل الجلد والرأس (الصحفيون).. كيف يتسنى لتلك الجهات عمل قانون فيه مصلحتهم دون مصلحة الصحفيين، وكأنما القانون الجديد فصّل لإرهاب رؤساء التحرير أكثر من الإرهاب الذي يمارس عليهم والتلتلة يومياً أمام المحاكم في قضايا النشر؟!
لقد ذكرت الأستاذة “تاور” أن العقوبات تجوّز للمحكمة توقيع عقوبة الغرامة وإيقاف الصحيفة لفترة تحددها المحكمة، وتعليق المطبعة لفترة أيضاً تحددها المحكمة، وقالت “تاور” إن العقوبات تجوّز حال تكرار المخالفة إيقاف رئيس التحرير والناشر والصحف وسحب السجل الصحفي لفترة تحددها.. إن ما جاء في مسودة قانون الصحافة الجديد يتنافى تماماً مع ما قاله أبو الصحف “حسين شريف” (شعب بلا جريدة قلب بلا لسان)، وإذا كان هكذا الحال فلن نجد صحافة ولا رؤساء تحرير ولا صحفيين ولا ناشرين ولا مطابع أيضاً، لأن الصحافة مهمتها عكس ما يدور في الساحة، والنشر لا بد أن يكون مصحوب بالخطأ غير المقصود أحياناً، والخبر نفسه يحتمل الصدق والكذب، ويمكن أن يصحح، وتقييد الصحافة وتكبيلها بمثل هذه القوانين يجعلها نشرات بلا طعم ولا رائحة، بل تجعل الصحفي حينما يمسك بالقلم عينه على القانون الذي يحد من تدفق جريان الحبر على الورق الأبيض.. وهنا نحن لا نقول على الصحافة أن تشتم وأن تهتك الأعراض وأن تسب وتلعن وتقذف الآخرين، لكن الصحافة لها دورها الرائد في توجيه الرأي العام وتبصيره بما يجري، والعمل على كشف الأخطاء والفساد وكل ما من شأنه توضيح الحقائق للمجتمع.
في القانون المصري السابق، كانت هناك فقرة تجوّز محاسبة الصحفي في حالة القذف والسب، ولكن في الدستور المصري الجديد طالب الصحفيون بإلغائها وقد أُلغيت تماماً، وهذا جعل الصحفي المصري ملكاً في مملكته.. فكيف لجهة أخرى تفصّل القانون لمصلحتها ومعاقبة أهل الشأن بالقانون الخاص بهم؟!
أن القانون الجديد إذا صدر بتلك الفقرات التي تنص على تشديد العقوبة على رؤساء التحرير والصحف، وتجوّز سحب الترخيص عن الصحيفة وسحب السجل عن الصحفي والمطبعة، إن صدر القانون بشكله هذا، فسيكون كارثة على الصحافة بأكملها وليس على رؤساء التحرير فقط. فمجلس الصحافة والمطبوعات الآن يمارس صلاحياته وسلطاته باستدعاء رؤساء التحرير في قضايا النشر التي تقوم برصدها لجنة الرصد بالمجلس، وتستمع اللجنة إلى إفادات الشاكي عبر الشكوى المقدمة من قبله، وتستمع إلى إفادات رؤساء التحرير، وهي لها الحق في إيقاف الصحف لفترة إذا تمت الإدانة، ولكن لم يكن هناك إرهاب كالذي نقرأه الآن عن القانون الجديد الذي وافق رئيس البرلمان على مسودته.. فهل من حق البرلمان أو أية جهة أخرى عمل قانون خاص بالصيادلة أو المحامين أو الأطباء أو أية جهة أخرى وترضى تلك الجهة بالقانون الذي يخصها ولم تدعَ للمشاركة فيه؟!
أيها السادة.. الصحفيون هم أدرى بحالهم وبقانونهم الذي يحميهم، ولا يكبلهم ويقيدهم ويمنعهم من ممارسة حقهم بالصورة المطلوبة.. فدعوا الصحفيين وشأنهم!!