أخبار

ترجل يا رجل!!

{ بعد استقرار الأوضاع الأمنية في (النيل الأزرق) تبعثرت الأوراق السياسية وعادت حالة الشد والجذب القديمة، وارتفعت أصوات لإعفاء الوالي اللواء “الهادي بشرى” وأيلولة قيادة الولاية سياسياً لأبنائها، وجهر بالمطلب “الشيخ عبد الرحمن أبو مدين” رئيس المؤتمر الوطني وربما وقف إلى جواره قيادات آخرين ورفع شعار (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة)، وهو شعار تحته (ياما) انتهكت قوانين وسلبت حقوق وأهدرت قيم ليس في السودان فحسب، بل في كل العالم المفجوع يتوهم وجود أعداء يتربصون به.
{ اللواء “الهادي بشرى” شخصية قومية يفيض عذوبة ورقة إحساس وومضة خاطر، صارم ساعة الجد حنين ورقيق وعذب كالنسيم، حينما (غادر) صف المعارضة قال عبارة تكشف عن معدن الرجل ( لن أبصق على تاريخي)، ولست من يكشف عورات رجال كان قائداً لهم، جاء تعيينه والياً على النيل الأزرق (لسد الفرقة) بعد تمرد “مالك عقار”، فارتدى اللواء الهادي (الكاكي) بعد أن نزعه أو نزع منه لسنوات تجاوزت الـ (20) عاماً ليصبح أقدم لواء في جيوش العالم الحالية. جلس “الهادي بشرى” في مقعد الذين ظلمهم ابنهم “عقار”، وظلم بعضهم نفسه بالسير في رفقته، واستطاع اللواء “الهادي” ورفيق دربه القائد الجسور اللواء “يحيى محمد خير” بث الطمأنينة في نفوس المواطنين وهزيمة التمرد عسكرياً، ولكن تظل لـ(النيل الأزرق) قضية سياسية (تنتظر) الحل الآن، ماذا يريد أهل الولاية؟ وكيف تعود إليهم حقوقهم في حكم أنفسهم، وما هي علاقتهم بالمركز؟ وكيف تعبر (النيل الأزرق) عن نفسها ثقافياً في إطار سودان موحد يعترف بالخصوصية الثقافية والتعددية العرقية ليشكل جماع تلك الثقافات المتعددة سودان المستقبل.
{ لـ(النيل الأزرق) خصوصيتها، ولأهلها الحق في حكم أنفسهم بالوسائل الديمقراطية، وينبغي الاعتراف مركزياً بأن تعيين الجنرال “الهادي بشرى” اقتضته ظروف بعينها في حال زوالها يجب أن يترجل، والآن بعد الاستقرار الذي شهدته (النيل الأزرق) ومشروعات التنمية التي افتتحت الأسبوع الماضي ما عاد ثمة مبرر واحد يبقي على اللواء “الهادي” في منصب الوالي بـ(النيل الأزرق)، وهي الولاية الوحيدة التي تعيشها (الازدواجية) التي رفضها “البشير” لنفسه في الرابع من رمضان، حينما كان “الترابي” في منصب الأمين العام للمؤتمر الوطني يشكل حكومة ظل، و”البشير” في القصر يمثل حكومة الظاهر. الآن “الهادي بشرى” في (النيل الأزرق) حاكم عسكري بأمر الطوارئ، و”عبد الرحمن أبو مدين” هو رئيس حزب المؤتمر الوطني، فكيف يرضى الرئيس “البشير” للجنرال “الهادي بشرى” ما رفضه لنفسه وثار من أجله؟؟
إما أن تُمدد لــ”الهادي بشرى” ولاية جديدة وفق تكليف جديد بأن يتم تنصيبه رئيساً لحزب المؤتمر الوطني وإعفاء “أبو مدين” من منصبه، وإما أن يترجل الرجل في زهوة شبابه وعنفوان سلطته، قبل أن تطارده لعنات السياسيين ويخرج من (النيل الأزرق) بأمر أهلها.
{ إذا كانت الحكومة المركزية تنتظر مساومة مع (الحركة الشعبية) في مقبل الأيام، يبقى بقاء “الهادي بشرى” مفهوماً ومبرراً كأمر مؤقت ريثما تستقر سفينة الحكم، أما إذا كان الأمر قد حسم وبات خيار التفاهم مع قطاع الشمال مستبعداً، فليذهب “الهادي بشرى” اليوم ويقود (النيل الأزرق) “كرمنو” أو “أبو مدين” أو “فرح عقار” أو حتى “باكاش طلحة”.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية