لم اتمكن من التعليق على حديث الدكتورة “سعاد الفاتح البدوي”، الفترة الماضية حينما طالبت بإعدام (القطط السمان)، ولكن الدكتورة “سعاد” لم تدرِ أن (القطط السمان) كلها أما هربت خارج البلاد، والتي تم القبض عليها وأودعت السجون، تم إطلاق سراحها، ولكن تركت القطط النحاف في الأسواق وبعض الوزارات والمؤسسات المختلفة تسرح وتمرح، ولكن أكلها خفيف بجانب بعض صغار اللصوص بالأحياء حرامية الحلة، لقد استبشرنا خيراً حينما قال السيد الرئيس إنه لن تترك (القطط السمان) وستتم محاسبتها وسيرد ما أخذته من عيونها، وبدأت الحملة وقلنا الحكومة ماشة في الاتجاه الصحيح، ولكن في السودان ما في زول بحاكم وهو مستند على الحكومة، بجانب الأجاويد وصاحبي وصاحبك، إن محاربة الفساد يا دكتورة “سعاد” في السودان ما بتتم، وأنتِ عارفة والجميع يعلم ذلك، فالحكومة ربت القطط الصغيرة حتى كبرت وسمنت وجاية الليلة تحاربها، لا يمكن.. لأن تلك القطط لم تسمن لوحدها ما لم تجد من يقدم لها الطعام، فانظروا إلى العمارات متعددة الطوابق في كل مكان، هل يعقل أن يكون موظف لم يتجاوز مرتبه الألف أو الألفين، تكون له عدد من العمارات والسيارات والزوجات؟ أبحثوا عن الأسباب التي جعلت تلك القطط تسمن بتلك السرعة، من يقف من ورائها من الذي يقوم بدعمها حتى وصلت ما وصلت إليه؟، إن الفساد مستشرٍ والسيد الرئيس يعرف أسبابه ومن هم الذين غذوه حتى وصل إلى تلك المرحلة من السوء؟، إن قضايا الفساد لم تكن في السودان، ولكن الفساد أصبح في كل دولة من الدول، وأصبحت محاربته مستعصية أو مستحيلة، خاصة في الدول النامية أو الدول الفقيرة أو الدول الأفريقية، وبما أننا دولة أفريقية فتصبح محاربة الفساد مستحيلة، خاصة وإننا دولة العلاقات فيها ممتدة، فإذا تم القبض على شخص متهم بالفساد، تجد الأجاويد تتدخل لإنهاء المشكلة سراً حتى ولو خرجت إلى العلن، فلن تسمع بأن الشخص الذي تم إلقاء القبض عليه في قضية الفساد الفلاني، قد تمت محاكمته ليكون عظة وعبرة لغيره، ولكن تتدخل الأيادي والناس وخلوها مستورة، ولذلك لن ينتهي الفساد طالما هناك من يقفون لحمايته، وهذا للكبار أن كان على مستوى الدولة أو المؤسسات المختلفة، ولكن الصغار أو من لا يجد السند القوي، فهؤلاء يقدمون إلى المحاكم التي تصدر أحكامها فوراً على الشخص مرتكب الجريمة، الدكتورة “سعاد الفاتح” تربت على الفضيلة والنزاهة وعاشت عمرها كله عفيفة اليد واللسان، ولذلك ما تراه الآن تشعر بأنه مخالف للقيم الدينية السمحة التي تربت عليها، وحتى إذا سمعت أحد الإسلاميين ارتكب مثل تلك الخطيئة تتحسر عليه أولاً وتتحسر على الزمن الذي حوَّله إلى قط سمين، إن التحول الذي طرأ على الدولة الآن وما حدث فيها من فساد وظهور تلك القطط كان بسبب غياب القانون وسماحة الدولة التي تركت الحبل على الغارب، ولم تظن أن الحبل الذي تركته لهؤلاء عاد ليلتف حولها، لأن الفساد الآن وأن كان على مستوى محدود تمدد وأصبحت مسؤولة عنه الدولة، مهما كانت براءتها من الذي يحدث الآن.. فنقول للدكتورة “سعاد” إن (القطط السمان) هربت وتوارت ولم تتبقَ لنا إلا القطط النحيفة.