ولنا رأي

ياها أخرتها سائق تاكسي!!

صلاح حبيب

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي اليومين الماضيين بخبر الأستاذ “عبد الباقي الظافر” وتحوله من كاتب صحفي إلى سائق تاكسي بعد أن حول عربته إلى هذا الغرض، وقيل إنه مُنع من الكتابة، ولكن لم تحدد الجهة التي منعته الأستاذ “عبد الباقي الظافر” لم يكن الأول ولا الأخير الذي يحول سيارته إلى تاكسي، فسبق الأستاذ “الظافر”، الأستاذ الراحل “إبراهيم عبد القيوم” رئيس تحرير الأيام، حتى انتفاضة رجب أبريل، فتحول السيد رئيس التحرير إلى سائق تاكسي ليعيش بعد أن أغلقت الأبواب في وجهه، وكان سعيداً بتلك المهنة، وجاء من بعده الأستاذ القامة “عبد العظيم عوض” الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات الآن بعد عودته من السعودية، وبعد قيام حكومة الإنقاذ ، فقد استغلها كنقل طارئ كما كان متعارفاً على ذلك وقتها، وهو أيضاً كان سعيداً، وقال :إن بيته لم يدخله اللحم والسجوك إلا بعد أن تحول إلى سائق تاكسي أو نقل طارئ، وكان من قبله الأستاذ “هاشم كرار” الذي اغترب لفترة بدولة قطر ولم يكمل المدة لبعض الأسباب، فاشترى عربة وتحول إلى سائق تاكسي، والآن الأستاذ “فتح الرحمن النحاس” رئيس تحرير أكثر من جريدة: “السودان الحديث والجمهورية والبداية واليوم التالي وملحق ثقافي” لعدة سنوات بليبيا، فيعمل بعربته سائق تاكسي، إن مهنة الصحافة وعلى الرغم من الدور الكبير الذي تقوم به وما يقوم به الصحفيون من أدوار تجاه الأمة والمجتمع من خلال هذه المهنة الرسالية، ولكن لم يهنأ بها إلا القليلون من القيادات الكبيرة أمثال الراحلين “بشير محمد سعيد” رئيس مجلس إدارة الأيام وواحد من الثلاثة المؤسسين لها، والأستاذ “محجوب محمد صالح”، والأستاذ الراحل “عبد الرحمن مختار” الذي امتهن الصحافة، وحينما ضاقت الأنظمة الشمولية بها غادرها فعمل بتجارة العقارات وهذه المهنة أعطته أكثر مما أعطته الصحافة، فالصحفي اليوم حاله يغني عن سؤاله رغم أنه يبذل الكثير في توفير المعلومات يومياً إلى القراء، ويساهم بقدر كبير في تنوير الرأي العام بمجريات الأحداث ، ولكن لا قدر الله إذا حدثت له ظروف تجد المقربين إليه هم الذين يذهبون لطرق أبواب الدولة للبحث عن طريقة لعلاجه أو البحث عن نقاله إلى أي مستشفى بالداخل أو الخارج، وهناك ممن هم منسيون تماماً فلا أحد يتفقدهم أو يسأل عن أحوالهم ، ولذلك فإن مهنة الصحافة لا تقدم للصحفيين الكثير من الحياة الكريمة فأغلبهم الآن خارج الخدمة، أما بسبب إغلاق دورهم أو الاستغناء عنهم لأي سبب من الأسباب، لذا فإن الأستاذ “الظافر” الذي قيل بأنه تحول إلى سائق تاكسي بعد أن مُنع من الكتابة، فرغم تعاطفنا الشديد معه، ونحزن أن يخرج من هذه المهنة زملاء، مهما كانت الأسباب، لكن نقول له: عليك بحمد الله، فهناك من الزملاء الذين لا يجدون عجلة أو تكتك لتوزيع الرغيف حتى يستطيعوا أن يكابدوا الحياة في هذه الظروف الصعبة التي يواجهها الأخوة الصحفيون، بل هناك كبار منهم مرضى أما طريحو الفراش بالمنازل أو لم يجدوا عملا يقتاتون منه، إن مهنة الصحافة تعد من المهن المحترمة، ففي كل العالم يجد الصحفي الاحترام والمكانة المقدرة من قبل القراء والدولة أحياناً ، لذا مهما بلغ الصحفي فيها من مكانة عالية فأخيراً قد يجد نفسه سائق تاكسي كما الزميل “عبد الباقي الظافر” أو “النحاس” أو الإعلامي والمسرحي الكبير “محمد شريف علي” الذي عكس تجربته من خلال مسلسل بعنوان يوميات سائق تاكسي.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية