فوق رأي

تكملة عظيمة

هناء إبراهيم

الابنة الفاضلة ، “هناء إبراهيم”،
صحيفة (المجهر)،عمود فوق رأي
تحية وبعد
زمن بعيد توقفت عن شراء وقراءة الصحف منذ التقاعد عام 2013م، وكنت مديراً
للموارد البشرية بإحدى أكبر شركات النفط بالسودان حيث كانت تأتيني خمس
جرائد يومياً في مكتبي لا أدري ماذا أفعل بها.
هذه الأيام عُدت لمطالعة العناوين الرئيسية لأقف على الوضع السياسي المستجد
في السودان، خاصة قطاع النفط، لأرى ما استجد في ما أرسينا قبل عقود مواصلة
لأسلافنا الذين أسسوا بنية تحتية قوية
ليس هذا موضوعي – لكن أدهشني ما كتبت يا ابنتي حول (الإنجليزي بتاعنا)، لم
يكن موضوعاً مكتوباً ليقرأ، بل ظللت أسمع كلماتك وكأنك تتحدثين إلى القراء
في أسلوب بسيط – رشيق – وطلاقة سودانية مذهلة.
شاهد الأمر فيما نثرت من درر، أني بدأت حياتي العملية معلماً حين تخرجت
في كلية المعلمين بخت الرضا الدفعة(43أ عام 1973م)، عندما كان أي معلم
(كراعو دي ما يدخلها في أي مدرسة) إلا إذا تدرب في إحدى كليات أو معاهد
التربية في مرحلتي الابتدائي والمتوسط، أما الثانوي فكان المعلمون
يتخرجون من معهد المعلمين العالي (الذي تحول لا أدري لماذا) إلى كلية
التربية في إحدى الجامعات.
خلاصة الأمر ، وحيث كنت ممن تخصصوا في تدريس اللغة الإنجليزية والعربية
والتاريخ والتربية الريفية، وتخيلي بُنيتي أن كل الخريجين في أي دفعة من
بخت الرضا يجب أن يأخذ أربع مواد تخصصية، وأن أي معلم مُبعث للتخصص لا
يحرز أقل من مقبول يحال إلى إعادة الكورس وهو سنتين، لهذا سميت بكلية
السنتين، وهذا النظام عالمي، وكان من تخصصنا دراسة وتدريس اللغة الإنجليزية
بالمنهج القديم الفخم.
أما الدواعي (الفي بالك) فأنا أعرفها تماماً وأعيشها حتى بعد التقاعد،
والعمل في إدارة الموارد البشرية، خاصة في مراحل إجراء المقابلات
والاختيار والتعيين للوظائف الجسيمة كالمهندسين وغيرهم، فنفاجأ بأن كمية
الحصيلة اللغوية في أغلب الأحيان لا تتعدى ما درسه في منهج التخصص في
الجامعة.
لا ألومهم أبداً هؤلاء الأبناء والبنات من تخرج منهم ومن هم تحت التخرج
ومن دخلوا الجامعات في المراحل الأولى، فإن تدريس وتعليم اللغة
الإنجليزية يتطلب منهجاً إستراتيجياً قوياً (كالذي كان) لا يقبل (الهبشة)
لأنه يكون قد تم تجريبه لمدة حتى يثبت أنه يحقق الأهداف العامة والخاصة
للمنهج التربوي.
لماذا كنا معلمي لغة إنجليزية متميزين (وأقولها بكل فخر)؟ لأننا كنا
ممتازين جداً في اللغة العربية نفسها، وأؤكد لك وللقراء أن من لا يجيد
لغته، فليس منظوراً أن يجيد لغةً أخرى. وما يحدث الآن في بلدنا حول
اللغة الإنجليزية كلغة ثانية أو لغة أجنبية يثير الشفقة حيث نرى ما
يتحدث به الناس و يكتبونه ما هو إلا حديث تتداخل التعابير وما يعرف بـ
Interference of Mother Tongue
، أما ما ذكرت من أمثلة فهي دليل فكاهة ذكية ومليحة في ظاهرها، لكنها في
الحقيقة (حالة كارثية) نعيشها في مناهج تعليم اللغة الإنجليزية وأمل باقٍ
حتى يعود المنهج القديم وتعود بخت الرضا في كلية تدريب المعلمين حيث
يحفظون المنهج كاملاً ويدربون على الطرق الخاصة بالتدريس وإدارة الفصل
وعلم النفس التربوي والتدريب العملي قبل التخرج.
لك الشكر ابنتي، وأسأل الله لك التوفيق.
عبد المنعم سليمان الشيخ جحا
استشاري إدارة وتنمية الموارد البشرية والبناء التنظيمي
زمالة المعهد الأمريكي للدراسات الاحترافية

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية