وزير خارجية (قطر) وحديث عين العقل!!
في الاجتماع الوزاري الطارئ الذي عقدته الجامعة العربية مساء أمس الأول بـ(القاهرة)، وحضره معظم وزراء الخارجية العرب بغرض الخروج بموقف واضح تجاه الاعتداء الإسرائيلي على (غزة)، كانت من أقوى الكلمات المعبرة كلمة الشيخ “حمدين جاسم بن جبر” وزير خارجية (قطر) في فاتحة كلمته، قال: (نحن نصرف المال على هذه اللقاءات أو المؤتمرات، ولكن ماذا يعني إصدار بيان بالإدانة أو الشجب لإسرائيل؟)، قال (في اجتماعات سابقة أعلنت الدول عن تبرعها للمتضررين من أبناء (غزة) و(فلسطين)، ولكن حتى اللحظة لم تلتزم الدول. يجب على كل دولة الإيفاء بالتزاماتها المالية لإنقاذ شعب (فلسطين))، كما قال (لقد زرت غزة ووجدت الوضع مأساوياً، شعب (غزة) يعيشون تحت أنقاض المنازل التي هدتها الغارات الإسرائيلية عليهم، شعب (غزة) يعيشون وشبكات الصرف الصحي مهدمة، قال من حقنا إصدار قرارات الإدانة ولكنها لن تفيد).
إن الشيخ “حمدين بن جاسم” يعد من وزراء الخارجية العرب القلة الصريحين والواضحين. أذكر في عام 2000م عندما انعقد المؤتمر الإسلامي الأول بـ(الدوحة)، ثارت الصحافة العربية على (قطر) وعلى المكتب التجاري الإسرائيلي الذي أُنشئ بـ(قطر)، ولكن لم ينفعل الشيخ “حمد” وزير الخارجية ولم يغضب مراسلو الصحافة، فقال لهم (هذا المكتب بإمكاننا إغلاقه وبعد انتهاء المؤتمر يمكن أن نفتحه).
الشيخ “حمد” بسيط العبارات، لا يتشنج وهو عقلاني في حديثه، ومطالبته بتحريك الدول العربية للإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه شعب (فلسطين)، هذا هو الأهم لأن شعب (فلسطين) الآن في حاجة إلى الغذاء والكساء والمأوى، إن قرارات الإدانة والشجب لن تفيد، فقد ظللنا نسمعها عشرات السنين، فلم تحرك في المجتمع الدولي قيد أنملة، ولم تعد الموتى أو الجرحى من أبناء (فلسطين)، الذين ظلوا في حالة مواجهة مع العدو الصهيوني، فأهل (غزة) و(فلسطين) محتاجون إلى سلاح حتى تتعادل الكفة، رغم أن شيخ “حمد” قال ليست لنا القدرة على مواجهة إسرائيل، وهذه حقيقة فإذا كانت معظم الدول العربية تخشى (إسرائيل) وتخشى غضبة أمريكا، فكيف تمد (فلسطين) وشعبها بالسلاح، أنظروا كيف ثارت (إسرائيل)، وكيف حاولت أن تنتقم من (السودان) بضربها لـ(مجمع اليرموك) الذي ادعت أنه ينتج أسلحة استخدمت في الاعتداء عليه، كما اعتدت (إسرائيل) من قبل على صاحب (السوناتا والبرادو) ببورتسودان باتهامها لهما بأنهما من مهربي السلاح للفلسطينيين.
معظم وزراء الخارجية العرب في الاجتماع الوزاري الطارئ، أكدوا أن الوضع الآن قد اختلف، وينبغي على (إسرائيل) ومن يقف معها أن يعلموا ذلك، فالوضع في (مصر) ليس كما كان إبان حكم الرئيس السابق “حسني مبارك”، والوضع في (تونس) ليس كما كان إبان حكم الرئيس “زين العابدين بن علي”، ولا في ليبيا كما كان إبان عهد الرئيس السابق “القذافي”، لقد جاءت قوة حديثة وجديدة سوف تغير خارطة المنطقة بأكملها، وعلى (إسرائيل) أن تتعامل مع الوضع الجديد والسلاح الذي تخشاه وتخشى تسريبه عبر الأراضي المصرية إلى (غزة) سوف يستمر لأن القوة الجديدة لن تخشى (إسرائيل) وسيستمر المد والدعم والسند للإخوة في (فلسطين)، وإذا كانت القيادات العربية الآن لن يخيفها شيء، فمعظمها صاحبة أيديولوجية واحدة، ولذلك إذا كانت (إسرائيل) تريد أن تتعايش مع الأوضاع الجديدة، عليها أن تفتح صفحة جديدة للسلام والوئام مع أبناء (فلسطين) وأبناء الأمة العربية.