يعد الشعب السوداني، من أكثر شعوب العالم ثقافة وانفتاحاً على العالم في الأدب والثقافة والفن، وربما الخلطة ما بين العربية والزنجية هي التي أعطته هذه الميزة التي لم تتوفر لدى الكثيرين من شعوب العالم، تجده يعشق “أم كلثوم” ويحفظ أغانيها أكثر من أهلها، ومحب للفنان “عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش” وعاشق للأفلام العربية والأوربية، حتى الفنانين الخليجيين والسعوديين يعرفهم ويحفظ غناهم، “طلال مداح ومحمد عبده” والفنان اليمني “أبوبكر سالم” وغيرهم من أهل الفن والغناء.. وفتن الشباب السوداني بالمغني الزنجي الأمريكي “بوب مارلي” وحفظ معظم أغاني الرقي التي ميزت غناه، فالفنان “بوب مارلي” يعتبره أهل الفن في السودان واحداً من أبناء عمومتهم، وحينما توفي فرش محبوه السرادق وتلقوا العزاء فيه في مدن أم درمان المختلفة وحزنوا عليه حزناً شديداً، لم يعرف أحد أن “بوب مارلي” تم قتله عن طريق (CIA) إلا قبل أيام، حينما قدمت قناة العربية خبراً اعترف أحد موظفي مخابرات (CIA) بأنه قاتله، عندما أهداه حذاءً به إبرة مسمومة، وعندما لبس الحذاء وهو يمارس الغناء طعنته تلك الإبرة فسرى السم في جسده فمات بعدها، هذا اعتراف خطير في تصفية الخصوم من قبل المخابرات الأمريكية، فـ”بوب مارلي” لم يكن مغنياً عادياً بل كان يحمل فكراً سياسياً معيناً يبثه من خلال الغناء، فرفض “بوب مارلي” الانصياع إلى توجيهات الإدارة الأمريكية، حتى أصبح هدفاً لتصفيته شأنه شأن كثير من أهل السياسة، الذين تجرى تصفيتهم عندما يخالفون التعليمات.. لذا مات هذا المغنِ الشاب نتيجة لأفكاره التي لم ترض عنها المخابرات الأمريكية.. فمات “بوب مارلي” ولم يتجاوز الثلاثينيات من عمره عندما تمت تصفيته، كم من تصفية قامت بها المخابرات الأمريكية لمعارضيها أن كان داخل الولايات المتحدة أو خارجها؟، فالاعترافات تتم دائماً عندما يكون الشخص على فراش الموت، ولولا هذا الاعتراف لما عرف أحد أن وفاة المغني الأمريكي الذي ملأ الدنيا فناً وغناءً بهذه الطريقة التي قتل بها، ولا أحد يعرف تلك الفكرة الخبيثة في عملية التصفيةـ لا أحد يعلم أن نهاية هذا المغني بتلك الطريقة، لأن عمليات الاستهداف لقتل الساسة تكون دائماً بوضع السم في كباية عصير، كما جرت محاولات كثيرة للساسة من بينهم الراحل “صدام حسين” الذي وضع له السم في كباية عصير.. إلا أن أحد المشرفين على تغذيته انتبه في آخر لحظة فأخذ الكأس من أمامه، وأخيراً جرى تدبير تلك المحاكمة ومن ثم تنفيذ حُكم الإعدام فيه في أبرك أعياد المسلمين عيد الأضحى المبارك، فانتهوا من أسطورة “صدام حسين” الزعيم العربي الذي ملأ الدنيا ضجيجاً بآرائه وأفكاره التي أقلقت الأوروبيين والأمريكان، فكان الزعيم العربي الوحيد الذي وقف في وجه العدو وصلفه، فالتصفيات الجسدية لم تطل الحكام أو السياسيين بل حتى المغنين الذين يحملون أفكاراً معادية للسياسات التي لم يرض بها أولئك أسياد العالم، وربما لم يكن “بوب” هو المغني الوحيد الذي تم الاعتراف بتصفيته، فهناك الكثيرون الذين ماتوا في ظروف غامضة من الساسة والفنانين والممثلين، وما وفاة وزير الدفاع المصري، “عمر سليمان”، ببعيدة عن الأذهان، فقد رحل بعد زيارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فهو حامل للكثير من الأسرار عن نظام الحُكم المصري، لذا فإن التصفيات ستظل مستمرة كما تظل عمليات كشفها من قبل منفذيها مستمرة، فإن كانت الأسرار اليوم مكتومة فغداً مفضوحة.