أزمة الخبز الأخيرة أجبرت عدداً كبيراً من أصحاب المخابز إغلاقها أو تقديم القليل من الخبز ومن ثم قفل المخبز، إلا أن عدداً من الوطنيين منهم ظل يعمل في ظروف صعبة رغم الكميات القليلة المتوفرة لديهم ، ففي الثورة بالنص وتحديداً الحارة العاشرة تقريباً ظللت أرقب هذا المخبز في أوقات متفاوتة سواء في الصباح الباكر أو في النهار، فظل هذا المخبز يقدم خدمته للجمهور ولم يقلل حجم قطعة الرغيفة التي درج الكثيرون من أصحاب المخابز على تقليلها حتى كادت ان تتحول من رغيفة إلى قطعة زلابية أو لقيمات، إن صاحب هذا المخبز لم أعرف اسمه رغم أنني ظللت اشتري منه فترة من الزمن، فهو مثال للرجل الوطني الذي لم تهمه الدنيا كثيراً فحافظ على سيرته العطرة وسط الزبائن رغم أن الكثيرين من أصحاب المخابز اغتنوا من بيع حصة الدقيق في السوق الأسود وكانت واحدة من أسباب تلك الأزمة المفتعلة، ومن حقنا كصحافة أن نشيد بالوطنيين من أبناء هذا الشعب، فهناك عناصر تستحق تلك الكلمات الطيبة، والصحافة ليست سيفاً مسلطاً على الجميع فإذا كانت تلك الأزمة أتاحت لأصحاب المخابز فرصة للاغتناء ألا أن هناك من يريدون غنى الآخرة، وليس كل صاحب مخبز فاسد أو لص أو خالي ذمة وضمير، فهناك من أمثال صاحب مخبز المدينة يجب أن تكرمهم الدولة لمخافتهم الله ولوقوفهم مع المواطنين ،فكم من صاحب مخبز يشبه مخبز المدينة وكم من صاحب مخبز باع كل الكوتة في السوق الأسود ليتطاول في البنيان أو ينال حظه من المرأة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة، لقد انعدم الضمير الإنساني من قلوب كثير من التجار ، وأصبحت مخافة الله غير متوفرة الآن، فالكل يمني النفس بضربة واحدة من الدقيق أو أي سلعة من قوت الشعب ليكون وجيه المجتمع، لذا نرى التطاول في البنيان ، ولن يتحقق هذا التطاول ألا بأكل قوت الشعب المغلوب على أمره، إن أزمة الخبز من المفترض أن تكون قد كشفت للمسؤولين أين الخلل وأين المستفيدين منها ، سواء داخل النظام أو المستفيدين منه، فكم من مخبز زادت إيراداته خلال تلك الأزمة، وكم من عميل أو متعاون مع صاحب المخبز الفلاني نال نصيبه من تلك الأزمة، وكم من صاحب عربة مكلف بنقل الدقيق إلى المخبز الفلاني أو العلاني ولم يلتزم بتوصيله، إن الأزمات التي تمر على البلاد كلها بسبب المواطنين عديمي الضمير، وفي ظل غياب الدولة أو ربما الدولة أغمضت لهم نصف العين ليغتنوا،فأصحاب المخابز لم يلتزموا حتى بمواصفات قطعة الخبز، فيقدمون أردأ الأصناف طالما لا رقيب أو حسيب عليهم.. بالله انظروا إلى الرغيفة بعد انتهاء هذه الأزمة، هل يعقل أن تكون القطعة بهذا الحجم ، أين المسؤولين وأين المعتمدين وأين اللجان الشعبية التي كانت الرقيب على كل شيء، إن مشكلتنا في أنفسننا والحكومة ما هي إلا شماعة نعلق عليها ما اقترفته أيدينا، فصاحب مخبز المدينة مثال إذا أردنا أن نرتقي بالخدمات أو أردنا أن ننهي طمع وجشع التجار ، كم من شخص يشبهه في الحي أو في السوق أو التعليم أو المستشفيات، نحن نريد أمثال هؤلاء في حياتنا، في المواصلات التي يمتص أصحاب الحافلات أو الهايسات دم هذا الشعب المسكين بزيادة التعرفة دون أي أسباب تذكر ، برافو مخبز المدينة، ونتمنى أن يحذو أصحاب المخابز الآخرين حذوك خدمة لهذا الشعب.
اشترك بالنشرة البريدية ليصلك كل جديد
مقالات ذات صلة
شاهد أيضاً
إغلاق