لم تجف دموع الأهل والتلاميذ على وفاة المعلمة التي سقطت في حمام مدرسة الحارة 13 بالثورة للبنات، العام الماضي، إذا بكارثة وفجيعة أكبر هذا العام بوفاة فلذات أكبادنا من تلاميذات إحدى مدارس الأساس بأمبدة، ثلاث وفيات، وعدد من الإصابات الأخرى، البنية التحتية للمدارس هشة أو منعدمة، ولذلك لا نتوقع أن يسلم التلاميذ من هذه الكوارث سنوياً، فالدولة تركت أمر التعليم، فلا يهمها أن كان هناك فصل آيل للسقوط أو حائط منهار تماماً، فمدارس الأساس أكثر عُرضة لعملية الانهيار، ومديرو المدارس لا حيلة لهم في إعادة تأهيل تلك المدارس أو إعادة بناء الفصول أو الحوائط الخارجية التي يتوقع سقوطها بين الفينة والأخرى، إن أرواح التلاميذ والمعلمين أصبحت رخيصة، فلو مات جل التلاميذ أو الأساتذة، فوزارة التربية لن تتحرك طالما الوزراء يعينون من غير الكفاءات وأدب الاستقالة في هذه الحالات منعدم تماماً.. بالله انظروا إلى العالم من حولنا كيف يترك الشخص المنصب مجرد إخفاقه في عمله، فالتعليم الآن صار مشكلة بالبلاد، فكيف يقابل السيد المعتمد أو وزير التربية، الوالي أو الاتحادي إذا أراد أن يذهب معزياً في هؤلاء التلاميذ؟، كيف ينظر إلى أسر الضحايا الأبرياء الذين حملوا كتبهم وكراريسهم وفطورهم وهم يمنون النفس بيوم دراسي يسمعون فيه القرآن أو جدول الضرب؟، وكيف يلهون في حصة الفطور مع أقرانهم؟ وكيف يحملون الكراسات إلى المعلمة ليصححوا الدرس؟، كيف ينظر السيد الوزير أو المعتمد، إلى الأم التي ودعت بنتها وأوصتها أن تعود إلى البيت مجرد أن تنتهي الدروس؟، إن التعليم اليوم لا يشبه تعليم الأمس ولا وزراء اليوم يشبهون وزراء الأمس، الآن أصبح الوزير كيف يمتطي السيارة الفارهة وكيف يحصل على النثريات وكيف يقضي إجازته السنوية وما هي الدولة التي تتوفر فيها الطبيعة الخلابة والطقس الممتاز والأرخص سعراً عند شراء الهدايا؟.. أما التعليم والمعلمين والطلبة فهم آخر اهتمامات الوزير والوزارة، فلو كانت من ضمن أولوياتهم لما سقط فصل أو انهار في رؤوس التلاميذ ومات هؤلاء الأطفال كما تموت الضأن، إنها كارثة أن نستقبل كل عام دراسي مثل تلك المآسي والفجائع، في العام الماضي حينما انهار الحمام بالمعلمة، قلنا الوزارة ستعمل على تدارك مثل هذه الأخطاء وستقوم بمعالجتها نهائياً.. ولكن يبدو أن الوزارة ما إن ينتهي الحدث، تقلب الصفحة إلى أن تأتي مصيبة جديدة، فطالما الوزارة لا تهتم كثيراً بالتعليم، فمن باب أولى أن تترك المدارس إلى الأحياء التي يقطنها التلاميذ، فكل أب أو أم يقدمون مساهمة لبناء الفصول أو أن يتعلم أبناؤهم في العراء، طالما الوزارة لا تهتم كثيراً بترميم الفصول والحوائط، فالمشكلة ليست في هذه المدرسة التي انهار الفصل فيها أو جدرانها، ولكن المشكلة في آلاف المدارس بالمركز آيلة إلى السقوط والإنفاق على التعليم ليس من أولويات الدولة فلو كان من الأولويات لما أنهار مثل هذا الفصل، ولا ندري كيف سيكون إحساس التلاميذ بعد انهيار الفصل أو الجدار؟، كيف يستطيعون مواصلة تعليمهم في هذه المدرسة؟ وهل الأسر ستكون مطمئنة بعد ذلك إلى تلك المدرسة؟، وهل حالة الخوف التي سيطرت على التلاميذ لحظة سقوط الفصل أو الجدار هل ستفارقهم وهل سينامون؟ ألم يمر عليهم شريط من الذكريات للذين توفوا وكانوا قبل سويعات يتحدثون معهم على وزارة التربية الولائية أو الاتحادية أن تتخذ من القرارات التى تدعو إلى إعادة بناء معظم مدارس الولاية قبل بداية العام الدراسي بوقت كافٍ.. وألا تفتح تلك المدرسة إلا بعد الاطمئنان الكامل عليها وعلى صيانتها بصورة جيدة.