مسألة مستعجلة

عندما تموت البراءة !!

نجل الدين ادم

إنها لمأساة حقيقية أن تجد (3) طالبات بإحدى المدارس بمحلية أمبدة مصرعهن تحت أنقاض سور مدرستهم التي جاءوا ليتعلموا فيها، لكن انهارت آمالهم وآمال أسرهم والأقدار تشئ أن تموت براءة هؤلاء البنات على هذا النحو، وترتسم مشاهد الحزن في وجه كل من سمع بهذا الخبر الأليم.
ومن عجائب الأمور أن هذه المدرسة التي انهار سورها ليست بمدرسة حكومة كما يتبادر إلى الأذهان في بادئ الأمر لكل من يسمع بالنبأ، هي مدرسة خاصة تدفع الأسر من دم قلبها من أجل بيئة مدرسية جيدة ومن أجل اهتمام أفضل من اهتمام المدارس الحكومية، لكن نتيجة ما دفعوه من أموال باتت عبارة عن أحلام بعد أن حول الكثيرون هذا الاستثمار إلى تجارة رائجة لا تقبل القسمة على اثنين، فقد حول هؤلاء الذين اختاروا أقصر السبل للتكسب، الرسالة التعليمية إلى صرح للبيع والشراء!
ومع تسليمنا بالقضاء والقدر .. تبقى المسؤولية في هذه الجريمة مشتركة ليست لإدارة المدرسة وحدها، ولكن لمكاتب التعليم التي باتت تنظر للعائد من فتح المدارس الخاصة أكثر من أي اهتمام، فالذي ينبغي أن يكون وهو الاهتمام بالعملية التعليمية وتطويرها، حيث لا تطوير ولا يحزنون، مجرد واجهات تنهب أرباب الأسر، فتهرول نحو المدارس الخاصة وما هي بخاصة!
كتبت من قبل عن إشكالية التصديق لفتح المدارس الخاصة دون التمعن في المواصفات والشروط الواجبة حتى يتم بها التصديق، ما حدث في هذه المدرسة حيث أن هناك عدداً من الجرحى، يفتح الباب عريضاً لمعرفة أوجه الخلل لمعالجته.
ينبغي أن لا يمر هذا الحادث الذي وقع مرور الكرام، لأن ذلك سيزيد من درجات الإهمال واللامبالاة وسط المدارس الخاصة.
يتوجب على وزارة التربية والتعليم تشكيل لجنة للتحقيق والتقصي في أوجه القصور ومعرفة الأسباب ومسببات الحادث، وعلى ضوئها يتم تقييم القضية لتحديد الخطوة المقبلة والتي ينبغي ألا تكون أقل من ايقاع عقوبة الإهمال.
ينبغي أن يكون هذا الحادث نقطة تحول جديدة لوقف فوضى المدارس الخاصة، وأولئك الذين يتاجرون في مستقبل الأبرياء من الطلاب والتلاميذ.
أنا متأكد من أن هذه المدرسة ليست هي الأولى التي دون اسمها في سجل الإهمال واللامبالاة، ولكننا نريدها أن تكون الأخيرة ، وهذا لا يتأتى إلا بالجدية والوقوف على أمر المواصفات والتصاديق التى تراعي المال أكثر من أي شيء آخر، والله المستعان.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية