ولنا رأي

هل الشعوب مخيرة في من يحكمها؟

صلاح حبيب

الفرار الذي اتخذه الفرقاء الجنوبيون بالتوقيع على الاتفاق لمسيرة الفترة القادمة، والتي نص عليها بأن يظل الرئيس “سلفا كير” رئيس لدولة جنوب السودان، لفترة ثلاث سنوات، وأن يكون الدكتور “رياك مشار” النائب الأول، التوقيع كان بالأحرف الأولى على أن يكتمل التوقيع في الخامس من أغسطس القادم، إن ما حدث من توقيع يعد خطوة كبيرة لانهاء الصراع بين الأطراف المتصارعة والذي استمر إلى ما يقارب السبع سنوات تقريباً وهذه الفترة التي كان بالإمكان أن تحدث فيها نهضة وتنمية بالجنوب، ولكن يبدو المطامع على كراسي السُلطة كانت واحدة من أسباب تأخره، لو كانت الشعوب هي المخيرة في اختيار من يحكمها، لما تركت الطامعين في السُلطة وكراسيها أن يلعبوا بمصيرهم، ولكن الشعوب دائماً مقهورة ولا تستطيع أن تختار من يحكمونها، أن كان ديمقراطياً أو عسكرياً ولذلك نجد دائماً من هم أعلى صوتاً أو من بيده البندقية هم الذين يتحكمون في مصير تلك الشعوب، وحتى صندوق الانتخابات في الدول الفقيرة أو دول العالم الثالث لم يكن نزيهاً، فالانتخابات دائماً مزورة وتفتقد إلى المصداقية، لذلك تأتي الحكومة من بعد ذلك مشوهة وغير صادقة في ما تفعل، إن دولة جنوب السودان تأخرت كثيراً بسبب الحروب التي اندلعت بعد الاستفتاء، وكان بمكانها أن تكون من الدول الراسخة في المنطقة بعد أن اختار الشعب مصيره عبر تلك الصناديق التي اتت بحكومة منفصلة من الدولة الأم حسب رغبة أبناء الجنوب أنفسهم الذين ذهبوا إلى صناديق الانتخابات عند إجراء الاستفتاء وقالوا كلمتهم التي ادت إلى انفصال الجنوب بنسبة (99%) أو أكثر بقليل.. فهذا كان اختيارهم ولكن لم يكن اختيارهم للساسة الذين يحكمونهم ولو كان الاختيار بإرادتهم أو كانوا يعلمون أن الاختيار سيأتي بحكومة أضاعت عليهم كل الأحلام الوردية التي كانوا يحلمون بها لما اتوا بها، ولكن الآن أتت فرصة جديدة لأولئك الساسة من خلال هذا الاتفاق والذي فتح لهم أمل جديد ونفق يضيء لهم عتمة الظلام الذي كانوا يعيشون فيه، إن دولة جنوب السودان مقبلة على تحد جديد، فإما أن تكون قدر هذا التحدي والعبور بهذه الدولة إلى آفاق أرحب وإما أن تتجدد المعارك وتضيع كل الآمال التي يتعلق بها أبناء الجنوب، فالمعارضون للاتفاق والذين لم يوقعوا عليه يجب أن ينظروا إلى مستقبل دولتهم فكفاية احتراب وكفاية تمزق وكفاية تشتت، فكراسي السُلطة زائلة فمن جلس اليوم يمكن أن يجلس غيره غداً فلابد أن تكون هناك إرادة لنهضة وتطور الدولة والارتقاء بالشعب بدلا من هذا الشتات، فالإخوة الذين لم يوقعوا “باقان” ومجموعته عليهم أن ينظروا إلى العالم من حولهم كيف تطور والشعوب والدول وكيف استطاعوا أن يتناسوا خلافاتهم من أجل المصلحة الوطنية، فها هي الفرصة تأتي إليكم من جديد لتنسوا الماضي وتعملوا من اجل المستقبل.. فإذا كانت الدولة اقرت على قيام انتخابات بعد الفترة الانتقالية، عليهم الاستعداد لها من الآن.. بدلاً من زعزعة الاستقرار الذي يعمل الجميع من أجله فقد تأخر الجنوب وتأخرت شعوب أفريقية كثيرة بسبب الخلافات الشخصية.
إن الذي تم من توقيع أمس الأول وما سيتم يوم الخامس من أغسطس خطوة كبيرة لا بد أن ندعمها ونقف إلى جانبها، لأن استقرار الجنوب هو استقرار إلى الشمال خاصة وإن كميات كبيرة من البترول مازالت حبيسة الآن بسبب الحرب والصراع على السُلطة فانهاء الحرب سيوفر لنا البترول الفترة القادمة التي تنعش الاقتصاد في البلدين اللذين شهدا أزمة اقتصادية طاحنة بسبب انعدام تدفقه.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية