في اللقاء النوعي الذي عقده الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” مع عدد من السودانيين، رؤساء تحرير ووزراء سابقين ورؤساء أحزاب وغيرهم من أعيان المجتمع السوداني، الرئيس “السيسي” من خلال هذا اللقاء كانت لديه رسائل يريد أن يوصلها إلى الإخوة السودانيين ولكن بطريقته الخاصة، ولذلك تم اختيار مجموعة من شرائح المجتمع السوداني وببساطته المعهودة، قال الرئيس “السيسي” لأول مرة أجلس مع السودانيين أي تلك الأصناف منهم، وتحدث بهدوء عن مجمل الأوضاع، ولم ينسَ المشكلة الاقتصادية التي تؤرق الشعبين أو البلدين، قال لقد عانينا الفترة الماضية كما يعاني السودان من ارتفاع الأسعار، وقال خلال شهر تصاعدت الأسعار بصورة كبيرة، وقد اضطررنا إلى تعويم الجنيه، ولكن استطعنا أن نوقف التدهور إلى أن استقر في (18) جنيهاً مقابل الدولار، ولم نصل إلى ذلك إلا من خلال وقفة الشعب معنا، وقال الحكومة لوحدها لن تستطيع تحقيق الإصلاح الاقتصادي إلا إذا تحرك معها الشعب، وضرب مثلاً بفترة الرئيس الأسبق “السادات” الذي قاد عملية الإصلاح الاقتصادي ولكن خرج الشعب إلى الشارع، وقال ما كان في إصلاح حقيقي، أما اليوم فوقفة الشعب هي التي أدت إلى هذا الإصلاح، وقال عملنا مشروعات قومية خلال أربع سنوات، مما أدى إلى مضاعفة الإنتاج، وتم افتتاح ثلاث محطات كهرباء وغاز، وشبكة طرق قومية تربط أجزاء مصر، إضافة إلى إنشاء (14 إلى 16) مدينة سكنية جديدة، وقال ما فيش حد يستطيع أن يعمل لوحده، وهذا يعني أن مصر استطاعت خلال تلك الفترة والتي كان يتساوى فيها الاقتصاد السوداني معها، حتى سعر الدولار مقابل الجنيه في الدولتين يكاد أن يكون متساوياً إلا أن مصر ومن خلال وقفة الشعب مع الحكومة استطاعت أن توقف نزيف الدولار، بينما نحن ظللنا في حالة تدهور للاقتصاد وللعُملة التي ربما تجاوز الدولار حاجز الخمسين جنيهاً، ولكن إذا نظرنا إلى حديث الرئيس “السيسي” وإلى الجهات المسؤولة في مصر نجد الفرق كبيراً بيننا ففي مصر مباحث التموين لا تترك بضاعة تباع ما لم تتأكد من مواصفاتها وحتى الباعة لا يقدمون للشعب إلا ما هو طيب، فمن يغش يجد نفسه داخل السجن، فليس هناك تلاعب في قوت المواطنين، فالمواطن يعزل الصنف الذي يناسبه ولا يتدخل صاحب البضاعة بمنع المشتري من عزل ما هو أجود، عكس ما هو موجود عندنا فالبضاعة ولو كانت طماطماً، فلا يتركه الخضرجي أن يأخذ الجيد لوحده، فيقول لك لابد من مشايلتها.. بمعنى أن تأخذ الجيد والخرب من برتقال وجوافة وطماطم وغيرها من الأصناف المعروضة للبيع، وأحياناً يتدخل هو ليضع لك الصنف، وحينما تصل البيت تجدها كلها ضاربة وهذا هو الفرق ما بيننا والإخوة المصريين.. فالقانون هو الذي يتحكم في تقديم الصنف الجيد، أما نحن فحدث بلا حرج، وهذا هو الذي قصده الرئيس “السيسي” بأن الشعب وقف مع عملية الإصلاح الاقتصادي، فالسماسرة عندنا لا يهمهم السودان ولا الشعب بقدر ما يهمهم المصلحة الشخصية، ولذلك نجد الدولار متصاعداً يومياً طالما لا توجد رقابة أو ضمير حي من المسؤولين أو المواطنين، فالكل يريد أن يغنى بين يوم وليلة، ولذلك تجد الفاقد التربوي الذي يعمل في السمسرة هو الأغنى من البروفيسور الذي أرهق عيونه من القراءة والبحث، ففي ضربة واحدة لسمسار يكسب فيها مالاً يساوي عمل ثلاثين عاماً لهذا الدكتور أو المهندس أو غيرهم ممن أفنوا حياتهم في الكتب والبحث، فالسمسار أو الفاقد التربوي اليوم هو من أعيان المجتمع، بينما الطبيب أو المهندس أو أصحاب المقام العالي أصبحوا الآن من الطبقات الدنيا، فهل تستفيد الحكومة من الوصفة التي قدمها الرئيس “السيسي” لإخراج الاقتصاد السوداني مما هو عليه الآن.