ولنا رأي

الأسعار ما بين الخرطوم والسعودية !!

صلاح حبيب

كدت أن انفجر من الزيادات اليومية التي تطرأ على الأسعار، أيا كانت لحوم خضروات ألبان وغيرها، مما يحتاج إليه الإنسان، ولم تمضِ أيام قليلة على زيادة رطل اللبن فإذا باللبان يطالب بزيادة أخرى، وعند سماعي للرقم كدت أن أصاب بالهستيريا من الاستفزاز الذي أحسست به، فشعرت أن كل صاحب سلعة يريد أن يتفشى في المواطن المسكين، غبت عن المملكة العربية السعودية تقريباً ثلاثة وعشرين عاماً فعدت إليها في عمرة رمضان الماضي، فلم الحظ أي زيادات طرأت على كل الأسعار فقد بقيت كما هي، ولم تتم زيادة (هللة) واحدة، فبقيت كل الأسعار على معظم السلع التي يحتاج إليها المواطن السعودي أو المقيم، بينما الأسعار عندنا تتصاعد يومياً، فخلال الأسبوعين اللذين أمضيتهما بالمملكة عدت فوجدت معظم السلع قد تجاوزت أسعارها المية في المية، حتى الدولار الذي تركته في محطة الثمانية والثلاثين جنيهاً مقابل الجنيه السوداني، تخطى تلك المرحلة، بينما الريال ظل ثابتاً في سعره (3.75) أي ثلاثة ريالات وخمسة وسبعين، وربما هذا السعر قد تجاوز الثلاثة وعشرين عاماً صحيح عندما بدأنا تصدير البترول كان الدولار يساوي جنيهين ونصف بينما الريال كان يساوي خمسين قرشاً أو أقل، ولكن بعد الانفصال وخروج البترول من الميزانية تصاعد السعر إلى ما هو عليه الآن.
إن المملكة العربية السعودية، لم تتهاون في ضرب كل من يحاول التلاعب بالاقتصاد الوطني، فكل التجار ملتزمين بتلك الأسعار طوال تلك الفترة، إضافة إلى الأمن والاستقرار السياسي أو الاجتماعي الذي ظلت المملكة عليه، فالانضباط لم يكن في الأسعار أو الأسواق حتى الشارع العام أو في الطرقات فأصحاب المركبات ملتزمين بالقانون، فمن لم يربط الحزام فعليه غرامة مالية، وعلى الراكب الذي يجلس بجواره، والسير في الطريق منضبط تماماً داخل المدينة أو في الطريق السريع، وهناك سرعة محددة للسير، فمن سار على سرعة (100 أو 120 أو 140) لا أحد يستطيع مضايقة الآخر في هذه الخطوط وفي هذه السرعة المعمول بها، أن المملكة العربية السعودية وضعت نظاماً لا أحد يستطيع تجاوزه أو اختراقه، فالقانون هناك قانون ما في زول بيتدخل لإنقاذ آخر ارتكب خطأ، أو السماح عنه، ولذلك تسير المملكة بنظام دقيق ومنضبط إلى الحد البعيد، ثمة ملاحظة أخرى شاهدتها في أسعار التاكسي فهي تكاد نفس الأسعار التي تركتها قبل ثلاثة وعشرين عاماً، فمشوار التاكسي لا يتعدى العشرة ريالات داخل المدينة، أما من جدة إلى مكة فنفس السعر خمسة عشر ريالا، ومن جدة إلى المدينة خمسين ريالاً، وهذه أسعار ثابتة لا يتجاوزها أي سائق مركبة مرخصة للغرض، ربما تزيد الأسعار لدى بعض أصحاب السيارات الخاصة.. وهي زيادة قد تزيد خمسة ريالات في أغلبها، لا أدري لماذا دولتنا لم تفعل القوانين وتاركة الأمر على ما هو عليه كل شخص يعمل بطريقته الخاصة، هل يعقل أن الأسعار في كل يوم متصاعدة على مرأى ومسمع الجهات المختصة، ولا أحد يحاول أن يتخذ قراراً يطال أولئك المتلاعبين بأمور الشعب، من المشاهد الأخرى التي لفتت نظري في المملكة الاستقرار والطمأنينة لدى الجميع، فلم أشهد ما يعكر الصفو الخوف من عارض يعترض المرء في مسكنه أو في الشارع العام وهذه محمدة للجهات الأمنية السعودية التي ظلت تراقب الموقف تماماً عبر سيارات الشرطة التي تقف باستمرار على قارعة الطريق أو عبر كاميرات المراقبة وهذه ساهمت في عملية الاستقرار الأمني.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية