ولنا رأي

الخرطوم .. هل هي بديل للعواصم العربية؟!

صلاح حبيب

بعد الربيع العربي الذي أطاح بالعديد من الزعماء العرب، وتكوين حكومات وانتخاب رؤساء جُدد، أصبح رئيس السودان الآن هو الأطول حكماً في المنطقة، مما يؤهله إلى حلحلة الكثير من المشاكل، وها هي دولة جنوب السودان التي لم ترض بحكم الشمال وانفصلت طواعية عنه، الآن وبعد الصراعات والحروب التي كادت أن تؤدي إلى زوال حكم الرئيس “سلفا كير” ها هي القيادات الجنوبية تلجأ إلى الخرطوم لحلحلة مشاكلها، وغالباً ما يتم التوقيع بين الفرقاء الجنوبيين على آخر اتفاقيات السلام بينهم اليوم، وسط حضور مشرف من قبل الرئيس “سلفا” ونائبه السابق الدكتور “رياك مشار” مما يؤكد أن الخرطوم أصبحت مهيأة إلى التوسط لحل مشاكل المنطقة، فالخرطوم تتشرف اليوم بوصول الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي”، الذي يُعد أحد الرؤساء المصريين الذين زاروا السودان أكثر من مرة مقارنة بالرؤساء المصريين السابقين، فالرئيس “جمال عبد الناصر” زار الخرطوم تقريباً مرة واحدة في مؤتمر القمة أو بعد النكسة والتي استقبلته الخرطوم يوم ذاك استقبال الفاتحين رغم مرارة الهزيمة التي كادت أن تفتك به لوما تطبيب الخرطوم لجراحه، ثم المساعدة في الصُلح بينه والملك “فيصل”، أما الرئيس “نجيب” فهو قد زار السودان مرة واحدة، ووقعت المشكلة بين الأنصار والحكومة، حينما ادعت الحكومة وقتها أن الأنصار يريدون قتله، فتغير اتجاه موكبه مما أحدث ربكة في عملية الاستقبال، أما الرئيس “مبارك” فلم يكن حاله أفضل من سابقيه، فقد زار السودان مرة واحدة، بعد انتفاضة رجب/ أبريل، وعاد أدراجه إلى مصر من مطار الخرطوم، قبيل إفطار رمضان بساعات، حينما سأله أحد الصحفيين السودانيين بأن (النظام المصري) يأوي الرئيس السابق “نميري”، فانتفض “مبارك” وزعل من كلمة (النظام) فعاد إلى القاهرة، وزار الرئيس “السادات” الخرطوم مرة واحدة، في نهاية سبعينيات القرن الماضي، كما زار الرئيس “مُرسي” أيضاً الخرطوم مرة واحدة، بعد توليه السُلطة بعد الربيع العربي وانتخابه رئيساً لمصر، فاليوم يزور الرئيس “السيسي” الخرطوم للمرة الثانية تقريباً، ويجري مباحثات مع الرئيس “عمر البشير” تتناول كثيراً من القضايا المهمة بين البلدين على رأسها أمن المنطقة، خاصة وإن الفرقاء الجنوبيين سيوقعون على الاتفاق النهائي بينهم، وهذا بمثابة جواز مرور لتمضي العلاقات إلى حالة من الأمن والاستقرار في دولة جنوب السودان، وهذا يهم مصر خاصة فيما يتعلق بالمياه، ومصر سبق أن بدأت تفاهمات فيما يتعلق بالمياه مع الإخوة الجنوبيين وتوقيع الاتفاق الذي يشهده الرئيس “السيسي” يطمئن مصر على الاستقرار المائي بالنسبة لها، ولم يكن الرئيس “السيسي” هو الرئيس الوحيد الذي يشهد هذا اللقاء، فرئيس وزراء إثيوبيا “أبي أحمد”، الشاب النشط والذي استطاع في فترة وجيزة أن يرمم العلاقات مع معظم دول المنطقة، واستطاع أن يطوي حدة الخلافات مع الجارة اريتريا التي كادت أن تعصف الصراعات بينها، وها هي إثيوبيا وإريتريا تعودان إلى مسرح الحياة الطبيعية وتطوي أصعب الملفات بينهم، إن زيارة الرئيس “السيسي” تأتي اليوم في وقت مهم جداً للمنطقة التي شهدت صراعات أثرت على أمنها واستقرارها، فوجود رؤساء مصر وجنوب السودان وإثيوبيا، هذا يؤكد أن الخرطوم عادت لتلعب دورها الطبيعي الذي ظلت عليه منذ ستينيات القرن المنصرم.. واليوم تعود خرطوم اللاءات الثلاث إلى المنطقة العربية والأفريقية تضمد الجراح وتزرع الأمل من جديد في الأجساد التي أصابها الضعف والوهن.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية