ضبطت قوات الأمن الاقتصادي الأيام الماضية أكبر عملية تهريب للذهب بلغت (245) كيلو، ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتم فيها تهريب الذهب أو ضبطه، فقد أصر المهربون عليه رغم الاحتياطات التي تضع له بالمطارات والمنافذ الأخرى، إلا أن المهربين لم يتوقفوا عنه.. فهذه أول مرة يتم الضبط خارج المطار، لأن معظم الضبطيات كانت عبر مطار الخرطوم ويُعد الثغرة الوحيدة التي ظل ينفذ من خلالها المهربون، ولكن لماذا الإصرار على الذهب دون السلع الأخرى وبهذه الكثافة.. ربما يقول قائل لأن الذهب الأغلى الآن في الدول التي يُهرب إليها، إلى جانب أولئك الذين يقومون بمساعدتهم خاصة مطار الخرطوم، الذي اعترف مدير الجمارك أن هناك مساعدات من العمال داخل المطار، الذهب من السلع التي يمكن أن تغطي احتياجات البلاد من العُملة الصعبة إذا أحسن التصرف فيه، ولكن بنك السودان ربما الأسعار التي يمنحها إلى المعدنين قد لا تتناسب مع الأسعار العالمية، ولذلك لجأ التجار إلى عملية التهريب، فإن خرجت هو الربحان وإن ضبطت فهناك محاولة أخرى يمكن أن تعوض الفاتت، مدير جهاز الأمن والمخابرات بعد إعلان عملية الضبط، قال لا كبير على القانون والقانون سيطال الجميع ولكن حتى الآن لم نرَ أحداً من أولئك قدم للعدالة ونال جزاءه، فالحديث عن الفساد والمفسدين ظللنا نسمع به كثيراً من رئيس الجمهورية إلى سعادة الفريق “قوش”، فقد سئم المواطن تلك الأحاديث، نريد بياناً بالعمل، نريد أن نشهد عقاباً لأحد هؤلاء حتى يكون عظة للباقين، ولكن السودان وبطبيعته الحالية وتركيبته والعلاقات الممتدة فلن يكون هناك أي عقاب أو حساب، فكم من شخص اتهم بالفساد وكتبت الصحف عن ذلك ولكن في النهاية تقتل القضية ويفلت الشخص من العقاب، ولكن لو كنا مثل المملكة العربية السعودية، التي لم يعمل ولي عهد المملكة الأمير “محمد بن سلمان” أي حساب للأمراء الذين زج بهم في السجن، وطالبهم برد كل الأموال التي أخذوها، وفي أيام قلية عادت مليارات الريالات إلى خزينة المملكة، فهل نحن مثل المملكة إذا نظرنا إلى حالها؟ وهل هي محتاجة إلى ذلك المال الذي نزع من الأمراء؟، المملكة يمكنها أن تعيش مئات السنين مهما حدث من فساد أو تعدٍ على المال العام، فالبنية التحتية ممتازة التعليم والصحة ليس في حاجة إلى دعم أو مساندة، الشعب يعيش في بحبوحة من العيش، فمن لم يجد عملاً، الدولة كفيلة به، ورغماً عن ذلك أتخذ الأمير “محمد بن سلمان” قراره الذي لا يمكن أن يتخذه أحد إلا هو.. فهل الرئيس “البشير” أو الفريق “صلاح قوش” يمكن في ليلة واحدة اتخاذ مثل هذا القرار والقبض على كل الذين تعدوا على المال العام ومطالبتهم برده في ساعات، لا أظن أن ما قام به “ابن سلمان” يمكن أن يحدث في السودان، وسبق أن تحدث الراحل الدكتور “الترابي” مع بدايات الحكم أن نسبة الفساد قد تجاوزت التسعين في المية، ولكن القائمين على الأمر كذبوا الخبر، إلى أن أصبح الفساد على قفى من يشيل، فالدولة الآن كلها تتحدث عن الفساد وكيفية محاكمة المفسدين، فلو اتخذ القرار من بدايته لما وصل الفاساد إلى ما وصل إليه، لذا فإن الذهب الذي يجري تهريبه إذا لم يتم القبض على المهربين ومعاقبتهم عقاباً صارماً فلن تتوقف عمليات التهريب عبر المطار أو المنافذ الأخرى.