ظلت عمليات التهريب بمطار الخرطوم، تشكل هاجساً لكل المديرين الذين تعاقبوا على إدارة الجمارك وعلى الرغم من أن الجمارك أصبحت عسكرية وليست مدنية، وهذا يعني أن العسكريين أكثر انضباطاً من المدنيين وليس من السهولة اختراقهم ولكن من خلال عمليات التهريب التي حدثت لفترات طويلة بالمطار، وهذا يعني أن المطار به ثغرات كبيرة أن كان ذلك من جانب العسكريين أو المدنيين، المهم هناك خلل لم يفطن له المسؤولون الكبار أو ربما غضوا الطرف عن ذلك، إلى أن اتسعت الهوة أو الثغرة وأصبح من الصعب السيطرة عليها، خاصة وأن عمليات التهريب تدر أموالاً طائلة على المهربين ومساعديهم، وإلا لماذا كلما تم ضبط كمية من الذهب أو الآثار جرت عملية أخرى، وهذا يعني أن هناك مساعدات يقوم بها العاملون في المطار، وقد سجل السيد اللواء “بشير” مدير الجمارك، اعترافاً بأن عمليات التهريب تتم بمساعدة العاملين بالمطار، فلا ادري ما الذي سيفعل مع العاملين الذين يقومون بمساعدة المهربين، أن تلك الثغرة لن تغلق إلا بفصل أي شخص يتأكد من معاونته أولئك المهربين أو فصل كل الوردية التي حدث فيها التهريب، لقد فقد المواطن الثقة في المطار ليس في عملية التهريب ولكن في هؤلاء العاملين الذين يسرقون مقتنيات القادمين أو المسافرين.. فكم من حالة سرقة امتدت أيدي ضعاف النفوس إلى شنط القادمين ونهبوا الملابس أو كل من غلا ثمنه وخف وزنه خاصة الموبايلات، ولا ادري كيف يسمح لعامل مهمته نقل عفش القادمين بالسرقة، وكيف لا يطاله الحساب أو العقاب من المسؤولين عن تلك الرحلة القادمة، وإذا كان مدير عام الجمارك عرف أن التهريب يتم بواسطة هؤلاء لماذا يتركهم يعملون، ولماذا لا توضع كاميرات مراقبة داخل المطار، ليس في الصالات بل من المفترض أن تكون كاميرات المراقبة تشمل كل المداخل ومخارج المطار، وإلا فإن عمليات التهريب لن تنتهي مهما اتخذت من إجراءات إلا إذا كانت الإجراءات صارمة وتعمل على فصل كل الوردية التي وقعت فيها عملية التهريب، إن عمليات التساهل وخلوها مستورة لن تحل لنا أي مشكلة، فالحل في اتخاذ قرارات صارمة، فإذا عرف كل عامل في المطار أن عمليات التهريب ستفقده عمله سيحرص على كشف حتى زملائه، وكما يقال يا روح ما بعدك روح.. فكل زول سيكون حريصاً على الاستمرار في عمله إذا عرف أن الشر سيعم، فالسيد المدير عارف ناسه تماماً ويجب ألا يتهاون في مصلحة البلاد، أما ضعف المرتبات فلن تكون حلاً لهم بمعاونة الفاسدين أو المهربين لنيل بعض المال بهذه الطريقة، في كل مطارات الدنيا نجد البسطاء من العاملين، ولكن لم نسمع أن هذا العامل ساهم في تهريب المال أو امتدت يده إلى حق الغير، فمطارات الخليج معظمها تعتمد على العمالة الآسيوية كلهم يعملون بهمة عالية، ولم يتجرأوا حتى على سحب شنط المسافرين كل مسافر بعتمد على نفسه في نقل أمتعته.. أما في مطار الخرطوم تجد العمال يهجمون عليك وكأنك في معركة وتحاول أن تتخلص منهم، لذا يجب على ورديات المطار ألا تسمح لأي عامل بأخذ عجلات نقل الأمتعة إلا إذا طلب منه المسافر أو القادم فالسلوك مشين.. خاصة حينما تعود إلى البلاد وتشاهد تلك المناظر من أولئك العمال، فالمطار محتاج إلى الكثير سعادة السيد المدير “بشير” فابدأ بوضع كاميرات المراقبة ثم أقيل كل الوردية إذا اكتشفت أن هناك تلاعباً أو تهريباً أو سرقة حقائب القادمين.