أثار مقطع فيديو لأحد المستشفيات بالعاصمة، حفيظة وزارة الصحة بسبب تعرض ملتقط المقطع إلى حالتين وردتا إلى المستشفى ولم تتم العناية بهما، الأولى لشخص توفى والثاني لرجل ملقى على البلاط ولم تتم العناية به، فهذا المقطع تم تداوله عبر الميديا ولكن وزارة الصحة اعتبرت الصور الملتقطة فيها إشانة سمعة لتلك المستشفى التي التقطت منها تلك الصور، ولم تكن هذه الصور الوحيدة التي تعكس بؤس مستشفياتنا إن كانت على مستوى المركز أو الولايات فحالها بائس وكئيب ولا يشبه مستشفيات الدنيا التي تهتم بالمريض مهما كان هذا المريض، إن جاء بسبب حادث حركة أو مصاب بمرض يستدعي علاجه الفوري، ولكن الجهات المسؤولة بوزارة الصحة تعتقد أن هناك استهدافاً لها من وسائل الإعلام المختلفة ولم تحسن الظن بالذين ينيرون لها الطريق أو يكشفون لها مواطن الخلل، ومن هنا تأتي الإثارة الوزارية تجاه أولئك الذين يحاولون تنبيه الوزارة أو المستشفيات في حال وقوع أي خطأ، فالشخص أنار الطريق لوزير الصحة أو للمستشفى المعنية لمعالجة الخلل، ولكن الوزارة قامت بتقديم مرافعة دفاعية عن منسوبيها بالمستشفى المعني وكأن الصور التي رآها القاصي والداني ليست حقيقية، وقالت الوزارة إن منسوبيها في ذلك اليوم موجودون ولم يتم إهمال المرضى وإن جثة المتوفى كانت مسألة وقت لنقلها، فالوزارة لم تشكر الشخص الذي أهدى لها عيوبها ولكنها قالت ستقدمه إلى المحاكمة لأنه أشان سمعتها، أين سمعة المواطن المسكين الذي يذهب إلى المستشفيات ولا يجد من ينقذ حياته ووزير الصحة يتوعد بالمحاكمة، بل تم إيقاف مدير المستشفى عن العمل إلى حين انتهاء التحقيق.
كثير من الصور السالبة نشاهدها في المستشفيات بالمركز أو الولايات ولا مسؤول تصدى لذلك، تشاهد الأغنام داخل العنابر تسرح وتمرح وسط المرضى وحتى أسوار تلك المستشفيات فاتحة للقطط والكلاب وكل حيوان، فهل الوزارة بالمركز أو الولايات قامت بمحاسبة المسؤولين بتلك المستشفيات، نحن في حاجة إلى الشفافية وألا تأخذنا العزة بالإثم، فمن أهداني عيوبي أشكره على ذلك بدلاً من تلك الضجة غير المبررة، وإذا أرادت وزارة الصحة الاستمرار في فتح البلاغات ومحاسبة أولئك الذين يعرضون المناظر السيئة بمستشفياتنا، فإنها تكون قد فتحت على نفسها باباً لن يغلق أبداً، أصلاً هناك محامون في انتظار مثل هذه القضايا للدفاع عنها بدون أي مقابل، والوزارة تعلم أسباب ذلك الدفاع، لذا من الأفضل للسيد الوزير وكل المسؤولين أن يلتزموا الصمت ويعملوا على معالجة الأخطاء من أجل المصلحة العامة، لأن الذي صور تلك المشاهد ليس بينه ووزارة الصحة أو المستشفى المعني أي إشكالية، فهو قام بحسه الوطني وضميره الذي يحتم عليه نقل ما رآه سالباً بغرض المعالجة وليس التشهير، فكثير من هذه القضايا تحتاج إلى تسليط الضوء عليها من أجل المعالجة، لذا إن كانت الوزارة تريد أن (تغطغت) الأمور وتمنع تصوير مثل تلك الحالات تكون جنت على نفسها، لأن الممنوع مرغوب فستكون هناك عمليات تصوير أكبر من الذي ظهر، فعلى الوزارة أن تنسى موضوع من قام بالتصوير وتنسى أي محاولة لفتح البلاغات، ففي هذا ضرر أكبر من النفع.