ولنا رأي

إن شاء الله السنة كلها رمضان

صلاح حبيب

خلت العاصمة لليوم التالي من رمضان من المارة وخلت الشوارع من زحمة السيارات التي تعطل الحركة لعدة ساعات، إن الشهر الكريم تتنزل فيه البركات والرحمات لذا فإن خلو الشوارع في الصباح أو عند الظهيرة يدل على أن عربات كثيفة تجوب الطرقات بدون فائدة، وإن الأزمات التي نشهدها الآن ما هي إلا أزمات مفتعلة وإن السيارات المكدسة بطلمبات الوقود لا عمل لها وإلا فأين الإنتاج إذا كانت تلك السيارات ولمدة يومين قابعة في المنازل أو في أي منطقة أخرى، صحيح شهر رمضان شهر عبادة، ولكن العبادة لا بد أن يسبقها العمل، فإن كان هناك عمل فمن المفترض أن يظهر لدينا وإلا لما أصبحت البلاد خالية من المواطنين، أين ذهبوا هل سافروا هل هاجروا أم أن أعداداً كبيرة لا عمل لها وتحاول أن تجوب الطرقات بدون أي فائدة، فعلى الدولة أن تضع إستراتيجية لتفعيل المجتمع، فالعاصمة فيها ملايين المواطنين، وإذا نظرنا إلى إنتاجهم نجده صفراً لذلك لابد أن تعيد الدولة سياساتها وأن تضع خطة إلى إعادة أكبر عدد منهم إلى مناطقهم على الأقل توفر على نفسها شح الخدمات التي لم تستطع توفيرها بالصورة المطلوبة، وأن تجعل من كل قرية أو مدينة بالولايات شعلة من النشاط والإنتاج، فليس من العقل أن تكون قرانا خالية من الطعام أو الحيوان، كثير من القرى تجدها يقطع مواطنها عشرات الكيلو مترات لشراء احتياجاته مثل الخضار والألبان واللحوم، بينما تلك القرية يمكن أن تمد بقية المناطق بإنتاجها ليس من المنطق أن يذهب مواطن في قرية تتوفر فيها كل الإمكانيات للزراعة والرعي ليشتري نصف كيلو لحم أو قطعة عجورة وكم من الطماطم والليمون، لماذا لا نفعل عمل الزراعة للاكتفاء الذاتي بتلك القرى من الخضار والألبان واللحوم بدلاً من تكدس العواصم بآلاف المواطنين القادمين من القرى وهم يهيمون في الطرقات بدون شغل أو مشغلة لماذا لا تساعد البنوك المواطنين أن يعملوا في مناطقهم لتقديم خيرات قراهم إلى بقية المدن الأخرى أو الاستفادة من الفائض للتصدير، لقد استمرأ المواطن السوداني الحياة السهلة أو الاعتماد على الآخرين، ولذلك فضل أن يكون عالة طالما هناك من يعينه في مأكله ومشربه، أن الدولة لن تنهض وأن الأمة لن تتقدم ما لم تكن الدولة جادة في تفعيل مواطنيها، هل يعقل أن تكون الخرطوم مزدحمة بهذا الكم الهائل من المواطنين وأن نسبة الإنتاج فيها قليل، في كثير من دول العالم نجد هناك صناعات صغيرة يقوم بها مواطنو القرى أو الأحياء، ففي الصين الأطفال الصغار يعلمونهم كيف يكونوا فاعلين في المجتمع، ولذلك نلاحظ هناك صناعات صغيرة لا تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة ولا عمالة تزحم الأسواق، فهناك أعمال يقوم بها هؤلاء من منازلهم فهل يمكن أن يكون المواطن السوداني مثل أطفال الصين أو سويسرا أو حتى الإخوة المصريين الذين يقومون بإنتاج السمن والأجبان من منازلهم ومن ثم يدفعون بها إلى الأسواق، المواطن السوداني محتاج من يحركه أو يدفعه إلى الإنتاج، الآن عدد كبير من الإخوة السوريين الذين قزفت بهم الحرب إلى بلادنا، أصبحوا من أصحاب الأموال، احتلوا المطاعم وكل المناطق التي يمكن من خلالها أن يعملوا، بينما أولادنا جالسون أمام ستات الشاي بلا طموح أو رؤية مستقبلية.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية