“صلاح” و”صلاح” وجهاً لوجه
خلال الفترة التي عملت فيها في مجال الصحافة التقيت بالعديد من الوزراء والمسؤولين خاصة في عهد الإنقاذ الذي امتدت فترة الحُكم فيه ما يقارب الثلاثين عاماً، ولكن لم التقِ بمن ملء السمع والبصر والفؤاد، كنت اسمع عنه وأشاهد صوره بعد أن غادر الموقع لفترة من الزمن، وأجرت معه إحدى الصحف حواراً تناول جوانب مختلفة من حياته، قبل أن يلتقيه الزميل “محمد جمال قندول” في حوار قبل أن يعود إلى موقعه القديم، كنت قد دعيت للتغطية لأداء القسم للوزراء والولاة الجُدد في حكومة الوفاق الوطني بالقصر الجمهوري، كعادة السودانيين وعدم اهتمامهم بالزمن أو تقديم الدعوة قبل ساعة من الزمن المطلوب، وبالفعل جئت باكراً أي قبل نصف ساعة من الزمن المحدد لأداء القسم وهو الحادية عشرة، ولكن حتى الواحدة لم يتم أداء القسم، تجولت في ردهات القصر الجمهوري، وخلال وقوفي أمام البوابة الرئيسية للمدخل الذي يدخلك إلى قاعات القصر المختلفة، حضرت اثنين من السيارات الفارهة سوداء اللون، نزل منها الفريق أول “صلاح عبد الله قوش”، وكان هذا أول يوم التقيه وجهاً لوجه، وقفت أمام المدخل وجاء مسرعاً ولكن أوقفته قبل أن يدلف إلى داخل البوابة الرئيسية التي تدخله إلى بهو القصر، فقلت له هذا أول يوم نلتقيك فيه رغم السمعة الكبيرة التي نسمعها عنك، وقف بكل أدب واحترام وسلم علىَّ سلاماً طيباً، فقلت له أنا “صلاح حبيب” رئيس تحرير صحيفة (المجهر السياسي)، فابتسم وكأنما يريد أن يقول لي بنقرأ لك يومياً، لم أعرف الفريق “صلاح قوش” رئيس جهاز الأمن والمخابرات من قبل، وربما لم تكن لي علاقة كبيرة لأنه لم يظهر كثيراً في المناسبات التي يكون فيها الصحفيون، ومن يعمل في هذه الأجهزة غالباً لا يكون معروفاً للناس أن كان على مستوى الرتب الصغيرة ناهيك عن المدير العام للجهاز، وعرفت الفريق أول مهندس “محمد عطا المولى عباس” المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات السابق، قبل أن يتولى المنصب، عرفته وهو يتولى منصباً رفيعاً بمستشارية السلام آنذاك، وكان لي الشرف أن التقيه في حوار من حلقتين تقريباً، وهو من الشخصيات التي تعمل في صمت ولا يميل إلى الحديث الكثير، كان الحوار بطلب من الأخ الدكتور “أمين حسن عمر”، عندما كان مسؤولاً عن صحيفة (الأنباء) قبل أن يتولى رئاسة تحريرها، أما الفريق أول “صلاح قوش” هذه أول مرة التقيه رغم سمعته التي فاقت الآفاق، وعاد الآن والكل يعلق الآمال عليه لا في ضبط الوضع الاقتصادي الذي انفلت بعد الميزانية التي أرهقت كاهل المواطنين وانفلات السوق والفوضى التي ضربته، فالحكومة علقت آمالها عليه في إعادة الوضع إلى طبيعته، رغم الثواني القليلة التي التقيته فيها كنت أود أن أقدم لها عدداً من الأسئلة التي تدور بخلد المواطنين خاصة المتعلقة بمعاش الناس، وما الذي توصل إليه خلال فترة إعادته، وهل فعلاً الدولة أعادته إلى مهام يدركها وتدركها فاستعجاله والظرف الذي يتطلب وجوده في تلك اللحظة، خاصة وإن السيد الرئيس ينتظر أن يؤدي القسم أمامه عدد من الوزراء والولاة الجُدد، منعني أن أقدم له له أي سؤال وإن شاء الله نلتقيه في وقت أرحب ونقدم له العديد من الأسئلة التي تتطلب الإجابة منه.