أخبار

لماذا؟

لماذا نجحت الشرطة في كشف غموض أكبر جرائم القتل والسرقات والنهب.. والاحتيال في الخرطوم، وفشلت في القبض على قاتل مدير شرطة محلية الدبيبات منذ يوم (الجمعة) الماضي وحتى الآن؟
في سجلات دفتر إنجازات الشرطة السودانية وإدارة المباحث الجنائية على وجه الدقة إشراقات لا تحصى وقد كشفت الشرطة غموض جريمة اغتيال الشهيد “محمد طه محمد أحمد”، ونجحت في الوصول إلى الجناة رغم عتمة الدروب وتعدد احتمالات الجهات التي كانت تستهدف شهيد الصحافة والوطن.. وغاصت المباحث عميقاً في البحث والتقصي حتى ألقت القبض على قتلة الدبلوماسي الأمريكي “غرانيفل”.. وأحداث عديدة من حادثة الإكروبول إلى مقتل زوجة “مهدي الشريف”.. و”أديبة فاروق”.. وأخيراً الوصول بعد ساعات للفتاة النيجيرية التي قتلت قنصل بلادها في حادثة لا تصل لخيوطها إلا شرطة مدربة وتختزن خبرة معرفية متراكمة.
ولكن في حادثة مقتل مدير شرطة محلية الدبيبات والصول المتحري “جوهر” الذي نعته الحركة الشعبية من خلال مقال سطره “عبد الرحمن أردول” ذرف فيه الدموع على رفيق صباه وشقيق رفيقه في النضال الذي غرق في أحد أودية جبال النوبة.. فإن الشرطة وقفت عاجزة عن القبض على الجاني الذي كان يسير على قدميه لمدة يوم كامل وسبع عربات لاندكروزر تطارده ولم تصل إليه حتى ابتلعته غابات شمال جبال النوبة، ونعني بذلك منطقة أم عشوش.. ومنذ يوم (السبت) الماضي، تتواجد في مكان الحادث فرقة للتحقيق والتقصي للوصول لاسم الجاني.. بيد أن المطلوب القصاص من مجرم ارتكب جريمته في رابعة النهار وسار بطريق مكشوف حتى المساء ولم تبلغه سيارات الفزع التي لو اتجهت للجبال الغربية بذلك العتاد من الأسلحة والمقاتلين لدخلت منطقة جلد التي تسيطر عليها الحركة الشعبية دون عناء، لأن الحركة في أضعف حالاتها.. دعك من القضاء على مجرم واحد والقبض عليه.. وكل الدلائل تشير لوجود القاتل داخل مدن جنوب كردفان أو غربها.. والحركة الشعبية التي يتخذها البعض ملاذات للمجرمين والنهابين هي من كتب “عبد الرحمن أردول” رثاءً للشهيد المساعد “جوهر الملك” باعتباره زميل دراسة ورفيق حي وفريق كرة قدم والحياة في جنوب كردفان شائكة وتتداخل اعتبارات العلاقات الاجتماعية والثقافية والروابط القبلية وتمزق فواصل الأيديولوجية وقيود السياسة.. فلا عجب أن وجدت قيادات المؤتمر الوطني تعزي في قتلى الحركة الشعبية.
وحادثة مقتل مدير شرطة الدبيبات تقتضي إعادة النظر كلياً في شرطة المحلية ومراجعة أداء وحدة الأمن والقوات المسلحة.. وقد عين للولاية جنرال برتبة فريق وهو شخصية بمقدورها البناء على تركة الجنرال “عيسى أبكر”.. ولكن وجود ضعف في أداء الأجهزة الأمنية وسوء تقديراتها يهزم طموحات الجنرال “مفضل” في مهمته التي انتدب لها.. ثمة حاجة إلى توزيع عادل لكفاءات الشرطة من خبراء مباحث وتحقيقات جنائية بين المركز والولايات حتى لا تستأثر الخرطوم وحدها بالضباط المميزين وضباط الصف والأذكياء وتترك للولايات المغضوب عليهم.. وأصحاب الذكاء المتوسط والأقل.. وإلا فكيف تفشل الشرطة في الوصول لقاتل مدير وحدتها بمحلية القوز لمدة قاربت الأسبوع الآن.. والشارع ينتظر خبر إلقاء القبض على القاتل.. وتفكيك طلاسم القضية.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية