أزمة المواد البترولية!!
شهدت العاصمة الخرطوم وولايات السودان المختلفة في الفترة الماضية أزمة في المواد البترولية الجازولين والبنزين، وأصبح الحصول على جالون منه، بمثابة حصول الإنسان على ترقية وظيفية فى الزمن الصعب، فالعاصمة والولايات ودعت طوابير الأزمات الخبز والمواد البترولية منذ فترة إلا لماماً، فالأزمة التي شهدناها الأيام الماضية لم تكن أزمة بالمعنى المفهوم، كما كان إبان الفترة المايوية التى ينتظر الشخص لأيام بلياليها للحصول على النذر اليسير من البترول، إن لم يقطع الوقود وأنت قاب قوسين أو أدنى من مسدس الوقود، أو الحصول على بضع أرغف لثلاث وجبات ولأسرة مكونة من خمسة أشخاص، فالأزمة التي خلقت نوعاً من الهلع للمواطنين جعلت كل من وقف فى الصف يملأ التنك، ولو لم يكن محتاجاً إلى تلك الكمية الكبيرة، وقد تعود المواطن أن يأخذ حسب حاجته أو حسب ما يمتلك من نقود، فأحياناً يعبيء وقوداً بعشرين جنيها أو خمسين، ونادراً ما يملأ التنك، إلا أن تلك الأزمة أدخلت الخوف والرعب فى القلوب، مما جعلهم يأخذون أكثر من الحاجة، الآن الأزمة تقريباً قد انفرجت تماماً، لأن كل مواطن الآن لديه فى خزان العربة ما يكفيه لبضعة أيام فالطلمبات الآن تخلو من السيارات، وإن وجدت فلن تكون أكثر من عربة واحدة تقف للتعبئة، إن المواطن السوداني مصاب بالهلع والخوف من المجهول، وقد لاحظنا هذا دائماً عند المناسبات إن كانت مناسبات الأعياد أو رمضان أو العيدين، ففى تلك المناسبات نلاحظ أن المواطن يأخذ أكثر مما يحتاج حتى في المناسبات الخاصة الفرح الكرة نلاحظ أن إسرافاً كبيراً فى الطعام المقدم أو الشراء، وفي النهاية نجد أن تلك الكمية ليس فى حاجة إليها، أو ألقيت في الزبالة، وكذا الحال في شهر رمضان التي اقترب موعده، ففي ليلتة نلاحظ طوابير أمام المخابز وأمام المحال التجارية، حتى تكاد تتصور أن الأكل سينعدم فى تلك الليلة، أو لن يجد الانسان أكلاً بعد هذا اليوم، فأزمة الوقود الأيام الماضية خلقت إحساساً داخلياً لأي إنسان، إن الأزمة ستطول، فلا بد أن يأخذ كل شخص أكبر كمية منه، وهناك ممن قاموا بالتخزين أو الإخفاء ..أحياناً الدولة تلعب دوراً في مثل هذه الأزمات، أما بالتصريحات السالبة أو المتناقضة، مما يجعل الإشاعة تنتشر بين المواطنين بأن أزمة فى طريقها إليه، ونحن نعرف أثر الإشاعة السالبة فى المجتمع، فالأزمة التي انفرجت فى سلعة المواد البترولية، نأمل أن تنفرج فى الدولار الذي ظل يهدأ ويرتفع بين الفينة والأخرى ولم يستقر على حاله حتى الآن رغم الإجراءات الصارمة التى اتخذتها الدولة على المضاربين فيه.. فأزمة الوقود يجب أن تكون بداية لإنهاء الأزمات الباقية كأزمة الغاز التي ما زالت مستمرة، وما زال أصحاب الغرض يزايدون في الأسعار بدلاً من الأسعار الرسمية وفى بداية أى أزمة يظهر السماسرة وعديمي الضمير فيستغلونها لمصلحتهم الشخصية، فإن كان السعر عشرة جنيهات يضيفون عليه نفس المبلغ ليتضاعف مية فى المية، ويستمر الرقم فى نفس الخانة أو أكثر وربما يصبح هو السعر الرسمي ولو عادت السلعة إلى السوق، وأصبحت أكثر وفرة من حاجة المواطنين إليها، هذا هو السودان يستغل بعض الأزمات لتحقيق أرباح على حساب المواطن المسكين والمواصلات لم تكن بعيدة من أولئك السماسرة أو مستغلي الأزمات، فالآن التعريفة تضاعفت مائة فى المائة رغم توفر الوقود، فمتى يصحو الضمير السوداني من عمليات الاستغلال هذه.