إطلاق سراح السجناء بداية موفقة!!
الخطوة التي اتخذها الفريق أول صلاح قوش المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين تعتبر خطوة موفقة، استهل بها مشواره الجديد بعد العودة، لا أعتقد أن الفريق صلاح ولا الدولة راغبة فى كبت حريات الشعب، ولا راغبة في ملء السجون بالمواطنين، ولكن هي تقديرات تراها الأنظمة الحاكمة مع شعوبها، فنحن في السودان ربما نكون أقل شعوب العالم في الزج بالمواطنين في السجون، ولكن السياسة لها أحكامها، فالفريق صلاح قوش والذى تعرض إلى السجن عند اتهامه بالمحاولة الانقلابية وبقائه فى السجن لعدة أشهر، ربما راجع نفسه الآن واتخذ القرار الصاح بإطلاق سراح جميع السجناء الذين تم اعتقالهم في المظاهرات التى اعتبرها القائمون بها بأنها مظاهرات سلمية واحتجاجية على الزيادات التى طرأت على الخبز وغيرها من السلع الضرورية.
فخروج السياسيين الذين تم اعتقالهم يعد خطوة في المسار السليم، وبداية موفقة لمدير جهاز الأمن وطي صفحة من الصراع بين الحكومة والمعارضة، إن الشعب السودانى أو المعارضين السودانيين لا تريد أكثر من منحها الحرية في التعبير وحرية التعبير مكفولة بالقانون، ولا أظن أنها صعبة على الحكومة أن تمنح مواطنيها الحرية فى الاحتجاجات السلمية، ولن يضيرها شئ فى ذلك، طالما الاحتجاجات سلمية، وليس فيها ما يدعو إلى التخريب، فكثير من دول العالم التي تمارس فيها الديمقراطية تتيح لمواطنيها التعبير السلمي ولا تلجأ إلى العنف، ولكن إن دعا الأمر تستخدم خراطيم المياه لتفريقها، إن الخطوة التي اتخذها قوش بإفراغ السجون من المعتقلين السياسيين يمكن أن تتطور وتُدرس بتأني لتتحول السجون إلى مشافي أو مدارس كما جاء فى إحدى القصائد: (محل السجن مستشفى) وليس ببعيد، فكم من دولة أصبحت سجونها فارغة .. فنحن فى حاجة إلى تغيير مفهوم السجن والقمع وإذلال البشر، وأن نحول تلك الأماكن أو السجون لفائدة المواطنين، فنحن في حاجة لأن تكون لدينا جامعات ومستشفيات ومراكز للتدريب يستفاد منها في تطوير عقلية الكادر البشري، وأماكن للصناعات، فسجن كوبر الذي تجاوز عمره الستين عاماً، يجب أن يحال إلى مستشفى عملاقة أو إلى صرح جامعي أو مؤسسة تعليمية كبرى تفيد الإنسان، بدلاً من إذلاله، وأن توفر الميزانية التى تصرف على السجناء والسجانين لدعم المشروعات التنموية الأخرى.. فنحن فى حاجة إلى إقامة ورش عمل كبيرة تناقش مثل تلك المسائل لمصلحة البشرية، وإذا كان الفريق صلاح قوش جاءت به الروح التصالحية، يمكنه أن يدرس مثل تلك الأفكار والرؤى ويحولها إلى المنفعة العامة، فجهاز الأمن السابق الذى تحول الآن إلى إشراقات وما عاد الأمن الذي يخشاه الإنسان ما أن يطلب الحضور إليه، فالأمن الآن أصبح أكاديمية يدرس فيها الباحثون والطلاب العلم بمختلف ضروبه، وربما زالت الصورة القاتمة التى كانت في مخيلة أي ناشط سياسي، لذا ليس هناك مستحيل في أن نحول أي عمل إلى المصلحة البشرية، فهناك دول لا توجد فيها سجون، ويمكن أن يكون السودان مثلها، طالما أن الروح التصالحية بين الساسة متوفرة ..وحتى السجون التى تنشأ للعصاة والمجرمين يمكن أن تتحول إلى مراكز إصلاح للبشر وليس للعقاب .