"أردوغان" رئيس يستحق الفخر به
إن زيارة الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” واحدة من أهم الزيارات للبلاد، وربما هي الزيارة الأولى له للسودان، ولا أظن رئيس تركي سبق له أن زار السودان في القرن الماضي، ولذلك تكتسب هذه الزيارة من الأهمية، وهو من الرؤساء الذين نفتخر بهم، فقد أعاد للأمة الإسلامية مجدها وتاريخها المشرف، وهو يستحق من أهل السودان جميعاً هذا الاهتمام والاحترام، بل هو شرف لنا أن يكون في هذا القرن رئيساً بمقام فخامته، فقد وضع لنفسه مكانة بمواقفه المشرفة والتي ترفع رأس الأمة الإسلامية التي كادت أن تنكص راياتها في ظل تلك التحديات والمواقف المخزية من البعض،
إن زيارة “أردوغان” أن كانت تأتي في إطار العلاقات الاقتصادية، ولكن لن تنفصل عن واقعها الإسلامي ومواقفه الأخيرة مع الرئيس الأمريكي “ترمب”، وإعلانه القدس عاصمة لإسرائيل، فلم يتجرأ رئيس له إلا “أردوغان” الذي ناصبه العداء، وقال له القدس عاصمة لدولة فلسطين، فقد كبر “أردوغان” في نظر العالم العربي والإسلامي حتى عند الغرب والأمم المتحدة التي أسقطت قرار “ترمب”، فلولا موقف “أردوغان” البطولي وجهره علناً بالرفض، ربما كان القرار مر مرور الكرام، فنحن أمة فقدنا مثل هذه المواقف من الحكام، فالكل أصبح أثير أمريكا والغرب، رغم أننا يمكن أن نركع أمريكا وكل الغرب بما لدينا من إمكانيات لو تم استغلالها الاستغلال الأمثل، كما فعل من قبل الراحل الملك “فيصل”، عندما استخدم سلاح البترول في مواجهة إسرائيل، وما كان للأمة العربية والإسلامية أن تنتصر في حروبها لو لا تلك المواقف المشرفة من زعيم الأمة آنذاك، ومنذ أن فقدنا الزعماء السابقين “عبد الناصر” و”فيصل” وغيرهم فقدنا عروبتنا وفقدنا الكبرياء والعظمة، أما تلك الشعوب فالآن كل رئيس أو دولة تنظر إلى مصالحها الشخصية، مما جعلنا أمة ضعيفة لا نقدر على المواجهة، وها هو “أردوغان” يحاول أن يعيد لنا مجدنا الذي فقدناه ومن حق شعبه أن يفتخر به ونحن أيضاً من حقنا أن نفتخر به، لأننا أصبحنا في عصر قلَّ فيه أصحاب المواقف والبطولات، وقلَّ فيه الحكام الشجعان الذين يتصدون ويواجهون صلف الحكام الأمريكان أو الأوربيين،
إن الرئيس “أردوغان” لولا مواقفه البطولية لما استطاع أن ينتصر على مؤامرات بلاده الداخلية، ولو لا احترامه لشعبه لما عاد إلى سُدة الحُكم مرة أخرى، في ظل التآمر الداخلي والخارجي عليه، فنهض “أردوغان” بأمته وارتفع باقتصادها وجعل للمواطن التركي قيمة في العالم، وأوقف تدهور الليرة أمام الدولار إلى أن أصبحت الليرة الآن أقوى من الدولار، واقتصادها وصل إلى المرتبة السادسة عشرة بعد أن فاق المائة وسبعة وثلاثين، والآن يعمل “أردوغان” على جعل الاقتصاد التركي في المرتبة السابعة أو العاشرة في العالم، ويمكنه أن يفعل ذلك طالما يعمل بإخلاص لصالح شعبه، فزيارة “أردوغان” ووفد رجال الأعمال الذي فاق المائتين، يجب أن نستفيد من وجودهم مع أخذ الوصفات السحرية التي ارتقوا بها ببلدهم خلال فترة وجيزة، و”أردوغان” لا يقل أهمية من الرئيس الماليزي السابق “مهاتير محمد” الذي جسد الإسلام في نفسه وشعبه قولاً ومعنى، ووصل بماليزيا إلى مصاف الدول الكبرى، ونحن رغم العلاقات المميزة مع أولئك الرؤساء، ولكن لم نستفد من تجاربهم رغم تقديمهم لنا وصفاتهم السحرية التي ارتقوا بها ببلادهم، وها هو “أردوغان” بيننا جسداً وروحاً وقد طبق الإسلام على نفسه وشعبه قولاً وفعلاً مما مكنه من بلوغ تلك الغاية، فهل نستفيد منه أم نتركه كما أبهرنا “مهاتير” من قبل، ولكن لم نتجاوز حد الانبهار فقط.