الارتفاع الجنونى للدولار …هل من مغيث..!
اميمة شقيري
لا يختلف اثنان فى ان الوضع الاقتصادى فى السودان أصبح متردياً للغاية ويسوء يوماً بعد آخر ولعل التذبذب المستمر في سعر الدولار مقابل الجنيه السودانى هو السبب الاصيل لذلك والغريب فى الامر أنه بحلول شهر نوفمبر وما بعد رفع العقوبات الامريكية عن السودان كان الدولار ومازال أكثر ارتفاعاً وقد أثر بصورة واضحة على الاقتصاد ككل ويمكن ،أن نقول ان هناك تداعيات وأسباب شتى أدت الى مثل هذا الارتفاع بصورة مفاجأة دون سابق إنذار . ولو رجعنا بخلفية تاريخية للوراء قليلا نجد انه منذ قرار فرض الحصار على السودان بدأ الجنيه السودانى فى الترنح وبالتالى عانى السودان و المواطن السودانى كثيرا من جراء تلك العقوبات التى امتدت زهاء العشرون عاما والتى أثرت بوجه عام على الحياة الاقتصادية مما أنعكس سلباً على إنسان السودان .
ولو تناولنا الآثار المترتبه على تلك العقوبات بصورة مختصرة نجد أنه بالرغم من عدم توفر إحصاءات دقيقة عن إجمالي الخسائر التي تعرض لها السودان جراء العقوبات ، إلا ان مصادر سودانية من بيوتات الاقتصاد قدرّت إجمالي الخسائر بنحو 500 مليار دولار. وتقدّر الخسائر غير المباشرة والتي يتكبدها السودان بسبب العقوبات بأربعة مليارات دولار سنوياً.
وبحسب تحليل الخبراء الاقتصاديون انهم أجملوا الخسائر التى أثرت على الاقتصاد قبل الرفع كالآتى حيث شملت العقوبات الأميركية حظر كل أنواع التعامل التجاري والمالي مع السودان كما خرج القطاع المصرفي السوداني من المنظومة المالية العالمية بسبب العقوبات التي تشمل أيضا منع تصدير التكنولوجيا والحجز على الأصول السودانية ولم يقف الامر عند ذلك الحد بل ان الخطوط الجويه السودانيه من اكثر الجهات المتضررة من تلك العقوبات إذ حُرمت بسببها من الحصول على قطع الغيار والصيانة الدورية لطائرتها ، الأمر الذي أدى إلى بقاء معظم أسطول طائراتها في أرض المطار إضافة إلى قطاع السكك الحديدية الذي تعرض لخسائر بالغة بسبب العقوبات وفقد 83% من بنيته التحتية ، مما أدى إلى توقف عدد من القاطرات عن العمل.
اما فيما يتعلق بالحقل الطبى نجد انه لم يسلم و حرمت العقوبات السودان من الأجهزة الطبية والأدوية والمستحضرات الأميركية وأثرت أيضا على مهام معامل التحاليل الطبية ، كما أثرت سلبياً على مرضى بعض الأمراض المستعصية كالسرطان والفشل الكلوى . بينما السلعه الوحيدة التى إستثنتها العقوبات الامريكية هو الصمغ العربي ما جعله السلعة الوحيدة التي يصدرها السودان إلى الولايات المتحدة ويرجع ذلك باعتبارها المستخدم الأكبر لهذه السلعة .
وعندما تم اعلان قرار رفع العقوبات الأمريكية عن السودان تفاءل به الكثيرين وتوقعوا انه يحمل الكثير من البشريات للمواطن السودانى وقد ورحبت به الخارجية السودانيه و المفاجأة كانت ارتفاع جنونى للدولار وتعود اسباب ارتفاع الدولار الى ما بعد رفع العقوبات وبحسب علماء وخبراء الاقتصاد ان من اهم اسباب ذلك الارتفاع هو ضعف الانتاج والانتاجيه الذى ادى الى الانحسار فى الصادرات السودانية وتوظيف عائدات القطاعات المنتجه كالبترول والمعادن الى خارج موازنة الدولة العامه . أيضا استيراد عدد كبير من السلع بما فيها غير الضرورية بجانب اتجاه المستثمرين الاجانب فى البلاد الى تحويل ارباحهم بالدولار الى دولهم . وكذلك تحويل شراء الواردات لشركات او لقطاعات خاصة مع إنعدام رقابة لتلك التحويلات . ويرى الخبراء ايضا ان هنالك الكثير من المكتنزين يشترون الدولار كمخزن للقيمه مع تراجع اداء مقومات الاقتصاد الحقيقية والرئيسية للزراعه والصناعه الامر الذى ادى الى ظهور اختناقات هائلة فى الانتاج المحلى اى ليس هنالك تناسب مع العرض والطلب لان عدد السكان فى تزايد مستمر .
وحسب رأينا المتواضع نرى ان ضمن الحلول الناجعه التى تصب فى مصلحة علاج هذه المشكلة هي الاستعانة بالخبراء والمفكرين الاقتصاديين بالبلاد لوضع خطط محكمة لتحريك عجلة الانتاج لان السودان زاخر بثروات زراعية وحيوانية وصناعية ضخمة فقط تحتاج لتوظيف جيد وبناء اقتصاد فورى يتناسب مع زيادة النمو السكانى بجانب توظيف الشباب وخلق فرص عمل للإفادة من طاقاتهم وليسهموا في دفع الاقتصاد كذلك لابد من محاربة الفساد المالى بشتى الطرق ودعم الاقتصاد الاستثمارى الخاص وتحسين بيئة عمل له و الاهتمام بشريحة الحرفيين وتشجيعهم وتوفير الخدمات الممكنة لهم .