هل فشلت صحافة الحكومة؟! (7)
ذكرنا أن الأستاذ “راشد عبد الرحيم” رئيس تحرير الرائد لم يهبط من السماء على الإنقاذ التي قلدته منصب رئيس التحرير بعد استقالة “الكرنكي” إثر مصادمات عنيفة مع الإدارة، لم يصبر عليها ولم يحتملها، فغادرها وفي الحلق غصة من الألم بعد أن هيأ الصحيفة ووضع لها اللمسات الجمالية والإعلانية كافة، ومن ثمن غادر بنفس الطريقة الدكتور “ياسر محجوب الحسين”.
إن تولي “راشد” لمنصب رئيس تحرير الرائد محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الصحيفة التي أصبحت عاجزة عن الصمود مع أخريات من الصحف السياسية، فرأت الإدارة في المؤتمر الوطني أن يتولى “راشد” الموقع لما لديه من خبرة صحفية ربما تساعده على إنقاذ الصحيفة، ولكن الأخ “راشد” جاء إلى الصحيفة وفي ظنه أن كل شيء متوفر، المال والرجال، وكل ما يساعد على قيادة السفينة، ولكن للأسف السفينة كانت معظم أشرعتها محطمة، ولم يكن بالخزينة مال يساعد على الاستمرار، وانكشف المستور بالنسبة للأخ “راشد”، وبدأت مطالبات المحررين.. فالمرتبات توقفت، ومال التسيير لا يفي بكل المتطلبات، والدائنون من المفصولين ظلوا في حالة مطالبة يومية، فلم يستطع “راشد” مواجهة الإدارة العليا وإخطارها بالموقف المتأزم، بل أصبح هو في حالة تأزمن داخلي مع المحررين، وبدأ مسلسل الفصل عسى ولعلى أن يوقف ثورة الاحتجاجات، ولكن ثورة الاحتجاجات لم تتوقف منذ رئاسة الدكتور “ياسر محجوب” الذي ضاق ذرعاً بالصحيفة، ومحرريها بسبب المضايقات والمطالبات اليومية والدورية للذين تم فصلهم، ولم توفر لهم حقوقهم .. الدكتور “ياسر” كان هانئ البال يعيش في أمن بعيداً عن الإدارة ومشاكلها عندما كان بالشرق القطرية والخارجية القطرية؛ ولذلك جاء إلى الصحيفة، وهو لمن يعرف عن الإدارة، ومشاكلها شيئاً، فاصطدم بالواقع، واصطدم بصراعات إدارية لم يعرفها، ولم يألفها، وعندما طلب منه العودة لتولي منصب مدير تحرير الرائد، في بادئ الأمر ظن أن الدنيا قد ابتسمت له بالعمل داخل وطنه، فيعطي الصحيفة ما أخذه من خبرة خارجية، ولكن وجد الألغام مزروعة له في كل مكان، وكلما حاول تخطيها، وقع على لغم أكبر حتى زُحزح من موقعه، وخرج دون أن تلتفت الإدارة العليا في المؤتمر الوطني أو الحكومة التي جاءت به من الخارج؛ لتسأل عن أسباب الصراع داخل صحيفة (الرائد) التي وفرت لها الدولة المليارات، لم تسأل الدولة ولا أحد داخل المؤتمر الوطني، أين ذهبت كل تلك الأموال؟، لم تسأل الدولة ولا أحد في المؤتمر الوطني لماذا إقالة العديد من المحررين القادرين والمقتدرين؟!، لماذا لم تسأل الدولة والحزب الأشخاص الذين أعطتهم ثقتها بإقامة مؤسسة راسخة تنافس بها وتقف بها في وجه الأعداء؟! ولكن الأطماع الشخصية هي التي أفسدت هذا المشروع الكبير وأضاعت ملايين الجنيهات دون أن تُكوِّن لجنة تحقيق لمعرفة أسباب ضياع كل تلك الأموال، إن كانت أموال للشعب أو أموال للحزب.
جاء الأخ “راشد” ووجد الخزينة (خلا) وأصيب بصدمة كبيرة، وأعياه التعب من سؤال المفصولين المتكرر عن حقوقهم، ولذلك ترك الصحيفة للآخرين، يأتيها أول صباح، وأحياناً عند المساء، وأحياناً يطلع عليها عبر النت، ترك الصحيفة ليعوس فيها من يعوس، وأُصيب المحررون بالضجر والسام من بعض الذين أعطاهم رئيس التحرير السلطة نيابة عنه، فلم يحسنوا التقدير، ودخلوا في صراعات مع الزملاء، وبدأ مسلسل الفصل من جديد على المحررين بعد أن عجز رئيس التحرير عن توفير المستحقات، التي لم تقف الإدارة العليا بالمؤتمر الوطني والدولة معه بشأنها، وبدأ الهمس عن التصفية أو الدمج، فجاءت التصفية ولم يخطر رئيس التحرير بها..
(ونواصل)