لمن يعمل قانون الصحافة؟
دار جدل كثيف اليومين الماضيين حول قانون الصحافة الجديد، واعتبرت قيادات صحفية أن القانون به مواد ضارة بالصحافة والصحفيين، ولذلك قامت رئاسة الجمهورية بإعادته إلى اتحاد الصحفيين لمناقشته بتأنٍ مع القاعدة الصحفية، ولكن الورشة التي انعقدت أمس الأول، رأى أغلب الصحفيين أن القانون فيه مواد ضارة على المهنة وعلى مستقبلها، ولكن إذا طرحنا سؤالاً عن القوانين التي تقدم لمجلس الوزراء أو البرلمان أن كانت قوانين خاصة بالأطباء أو الصيادلة أو الزراعيين أو أي جهة أخرى، هل تلك الجهة بتسمع بالقانون أم أن هناك مشاركة من الأطباء أو الصيادلة أو المهندسين في وضع بنوده؟ بالتأكيد كل القوانين التي تخص جهات أخرى ربما لا تتدخل الدولة في صياغتها لأن الحكومة ربما ترى أن تلك القوانين لا يأتيها ضرر منها عكس قانون الصحافة الذي تحرص على منحهه جهات تحاول أن تضع عليه قيود تكبل الصحافة والصحفيين به ومن هنا يأتي دائماً الخلاف ما بين السُلطة والصحافة حول المواد التي تضع، وغالباً ما تكون الحكومة قد وضعتها عن قصد حتى لا تتيح للصحفيين حرية أكثر، ولكن لو تعلم السُلطة وما تقدمه الصحافة لها أكثر مما تأخذه، فمن المفترض أن كانت الحكومة تريد أن تعدل في قانون الصحافة، كان عليها إشراك أهل الشأن في الموضوع بدلا أن يسمع الصحفيون بأن هناك قانوناً وضع لمعاقبتهم وهم لا علاقة لهم به، نحن لا نستطيع أن نقول إن الصحفيين أنبياء أو لا يطالهم القانون، ولكن لابد من إشراكهم في وضع مواده مع المختصين من أهل القانون مع إضافة وحذف المادة التي تعيقهم، وإذا ما توصل الطرفان إلى صيغة متفق عليها يمكن من بعد ذلك إجازته من الجهات المختصة، ولكن أن تكون هناك جهة أوكل لها وضع قانون حسب رأي الحكومة وما يتفق مع سياساتها دون مراعاة لأهل الشأن، هنا تصبح الصحافة مقيدة ولم تُتَح لها الحرية اللازمة لانطلاقتها، فالصحفيون أكثر الناس معرفة بحدودهم التي يكفلها لهم القانون، وإذا ما حدث شئ يعاقب عليه القانون فالمحاكم هي الجهة التي تفصل بين الطرفين، ولكن أن تضع مواد لتجريم الصحافة أو مواد لمعاقبتها أو الحرمان من ممارسة المهنة أو مصادرتها أو تعليق صدورها أو إيقافها نهائياً أو إيقاف الصحفي نهائياً أو لفترة محددة هنا تكون الحكومة قد تجنت عليها وأرادتها أن تكون نشرة تصدر مثلها ومثل النشرات التي تصدر من أي وزارة أو أي مؤسسة أخرى فالصحافة لها دور وهي شريك أصيل مع الدولة وهي التي تقوم بتبصير الناس بالمخاطر التي تقع، وحتى الدولة نفسها تقوم الصحافة بإنارة الطريق لها في قضايا قد تكون خافية عليها ولذلك المسؤولية مشتركة بين الطرفين فلا الصحافة تريد أن تدمر الوطن أو الإضرار بالمجتمع ولا الدولة تريد أن تكون الصحافة بوقاً لها فهي تريد أن يعرف كل واحد حدوده ولكن لتعرف الصحافة حدودها يجب أن تعترف الدولة بها وتحاول إشراكها في أمر يهمها هي وتحاسب بعد ذلك أن حدث أي نوع من التجني على سياسات الدولة أو تعدي الخطوط المرسومة لها ولا اعتقد أن الصحافة تهدف إلى زعزعة الاستقرار أو أمن الوطن، بقدر ما تقوم بكشف بعض الأشياء التي لا تعلمها الدولة، لذا لابد من تعاون بين الطرفين للمصلحة العامة، وقبل أن يجاز هذا القانون لابد من التنسيق والدراسة ومزيد من النقاش حتى يخرج بالصورة التي تخدم المصلحة العامة.