ولنا رأي

ما وراء زيارة "البشير" للكويت وقطر!

إن زيارة رئيس الجمهورية للكويت وإن كان طابعها في إطار العلاقات الثنائية وبحث إعمار الشرق، ولكن في طابعها الآخر النظر في إيجاد حل لأزمة الخليج.
لقد قاربت المقاطعة ما بين دول الخليج الممثلة في المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر ضد دولة قطر على الستة أشهر، وعلى الرغم من المبادرة التي قام بها أمير الكويت ودعمها السودان، ولكن ما زالت المقاطعة قائمة ولم تتراجع تلك الدول ما لم تنفذ قطر ما تم الاتفاق عليه في البنود التي اشتملت على خمسة عشر بنداً، وسعى أمير الكويت في رحلات مكوكية بينه وقادة المملكة العربية السعودية لإيجاد حل للأزمة، ولما كانت تربط السودان وتلك الدول خاصة المملكة والإمارات وقطر علاقات مميَّزة اتخذ السودان مبدأ الحياد في تلك القضية وسعى مع أمير الكويت في إصلاح ذات البين وظل موقفه ثابتاً من ذلك رغم المواقف الإيجابية التي وقفتها قطر في بداية الحصار مع السودان ..وقدَّمت له العديد من المساعدات المالية والعينية، وكذا الحال بينه والمملكة العربية السعودية التي كانت لها مواقف مشرِّفة معه وآخرها دورها في رفع الحصار عنه نهائياً، فظل السودان ممسكاً بشعرة “معاوية” مع كل الأطراف، بل سعى أن يقوم بدور إيجابي مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر، وكان البعض يتخوَّف أن تطلب أي من الدولتين أن يكون للسودان موقف واحد من تلك الأزمة الخليجية، ولكن قادة تلك الدول قدَّروا موقفه، فلم تكن هناك إملاءات عليه لينحاز لأي طرف منهما، بل كان حمامة السلام تحاول أن تعود اللحمة العربية إلى بعضها البعض وها هو الرئيس “البشير” يقوم بزيارة إلى دولة الكويت الشقيق ومنه إلى دولة قطر، وهي بالتأكيد زيارة في إطار المساعي التي يقوم بها السودان لإعادة العلاقات إلى وضعها الطبيعي بين تلك الدول ودولة قطر، والرئيس “البشير” مقدَّر من الجانبين أن كانت المملكة أو قطر، فالأمة العربية في حاجة إلى الترابط والتآخي في ظل التكتلات الدولية، فليس من المنطق ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين ومازالت صراعاتنا فيما بيننا،  فيجب أن نركِّز على العدو الأول للعرب والمسلمين بدلاً من التركيز على بعضنا. فزيارة الرئيس “البشير” لها دور كبير في إصلاح ذات البين وليعلم الجميع عرباً ومسلمين أن العدو يتربَّص بهم، ولكن نحن في حالة نوم عميق فإن لم نصحُ من تلك الغفوة بالتأكيد سنتشتت ويسهل تمزيقنا، لذا فإن المبادرات التي يقوم بها الحكماء من القادة العرب يجب أن توضع في الاعتبار، لأن الصراع لن يفيد إلا الأعداء فإن أردنا أن نكشف ظهرنا له فلنتحمل ما يحدث في المرحلة القادمة، فالمنطقة العربية خاصة منطقة الخليج تحظى باهتمام من الغرب وأمريكا ليس من أجل سواد عيونها، ولكن من أجل خيراتها الممثلة في الكميات الوفيرة من النفط، لذلك ينبغي أن يعي الحكام العرب هذا التربُّص وأن يعمل الجميع كوحدة بناء متكاملة إذا حدث أي خلل ستسقط تلك البناية، فالسودان الذي أحدث صلحاً بين الرئيس “عبد الناصر” والملك “فيصل” في مؤتمر اللاءات الثلاث يمكنه أن يعيد ذلك الصلح بين الإخوة العرب في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين وقطر، وهذا ليس ببعيد، فالعرب حكماء وأهل كرم وشجاعة ومروة ونصرة للضعفاء، والسودان وحكامه يمكنهم أن يلعبوا هذا الدور لإعادة الأمة إلى مجدها وتاريخها الناصع، فالرئيس “البشير” سيجد الاحترام والتقدير من أمراء تلك الدول وسيتعاون مع أمير الكويت لإعادة العلاقات الخليجية إلى وضعها الطبيعي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية