حوِّلوه خرساني!!
تقرر إغلاق كُبري النيل الأزرق اعتباراً من الأسبوع القادم ولمدة عام بغرض الصيانة. فكُبري النيل الأزرق الرابط بين الخرطوم وبحري وكُبري النيل الأبيض القديم الرابط بين أم درمان والخرطوم كباري تجاوزت أعماها المائة عام أو يزيد، ولذلك يفترض أن تكون الجهات المسؤولة في الدولة أن تحوِّل تلك الكباري إلى كباري خرسانية، ككُبري المنشية أو كُبري المك نمر، ففترة العام التي تستغرقها عملية الصيانة يمكن أن يتم فيها إنشاء كبري جديد وبمواصفات أفضل من تلك الكباري القديمة، وإذا كانت عمليات الصيانة كل فترة تكلف الدولة مليارات الجنيهات مع تعطيل دولاب العمل خلال فترة الإغلاق، فمن الأولى أن يتم إنشاء بدائل تستوعب الزيادة السكانية والسيارات. فكُبري النيل الأزرق الذي سيغلق لمدة عام ستشهد الولاية زحاماً في كل الأوقات، وحتى إذا انتهت الصيانة بعد العام فإن الولاية أصلاً مواجهة باختناقات مرورية رغم الكباري التي أنشئت حديثاً، ولذلك يجب إنشاء كُبري النيل الأزرق الجديد ذو المواصفات العالية بدلاً من الكُبري الحديدي القديم الذي استغنت عنه بريطانيا أو الهند أصلاً ولم تعد مثل هذه الكباري موجودة في العالم، لأن العالم تطوَّر وهو ينشد الحديث، وقبل أن تبدأ الصيانة مطلع الأسبوع القادم يجب أن تتراجع الوزارة عن هذا القرار وتطرح الكُبري البديل، ويمكن أن يتم البناء دون الحاجة إلى العون الخارجي، فالعون المحلي يمكن أن ينجز الكُبري الجديد البديل خلال فترة العام التي قررت للصيانة، فدولة أثيوبيا الآن قاربت أن تكمل بناء سد النهضة والذي كلف ملايين الدولارات، ولكنها دولارات من المغتربين الأثيوبيين ولم تمد الحكومة الأثيوبية يدها إلى الدول الخارجية لبناء السد، ونحن لدينا تجارب كثيرة في عمليات النفير والعون الذاتي ويمكن أن يطلب من المواطنين أن يساهموا في عملية البناء كل حسب استطاعته المالية كما طرح من قبل الرئيس الأسبق “جعفر نميري” على المواطنين أن يدفعوا مبلغ قرش واحد لرد مال الكرامة للرئيس الليبي “معمر القذافي” حينما طلب من الحكومة السودانية أن ترد له مالاً دفعه لها، فما كان من الرئيس “نميري” إلا أن أعلن عبر الإذاعة عن مال الكرامة، ونشط كل الشعب السوداني فجمعوا المال في دقائق فردوه إلى “القذافي” واسترد الرئيس كرامة البلد. الآن فبدلاً من الانتظار لمدة عام لصيانة الكُبري وبعد الصيانة تكون عملية الاختناقات المرورية في محلها، ولذلك يمكن أن يتم التشييد من جديد وفي نفس المكان وبذلك نكون قد انتهينا من القديم وعملنا واحد جديد وبمواصفات حديثة، وشارك المواطن بماله فيه، فليس صعباً، فالمواطنون السودانيون أهل مبادرات ويمكن أن يتبرَّعوا في لحظات بكل ما يملكون، فالدولة وحدها لا يمكن أن تقوم بكل شيء، فلنجرب في هذا الكُبري وأنا متأكد أن الأموال سوف تنهمر على الجهة الموكل لها العمل وخلال العام سيكون لدينا كُبري يستوعب حركة المرور الكثيفة ومن ثم يكون الاتجاه على كُبري النيل الأبيض وهو أيضاً من الكباري العتيقة ويحتاج إلى توسعة، فبدلاً من إعلان الصيانة خلال الفترة القادمة التي تؤدي إلى تعطيل الحركة يجب من الآن أن يُطرح الكُبري الخرساني الجديد وبنفس الفكرة التي يساهم فيها معظم أبناء الشعب السوداني، وبذلك نكون قد حلينا مشكلة كُبري النيل الأزرق والأبيض الحديديين، ويمكن الاستفادة من الحديد في عمل آخر أو تحويلهما ككباري بمناطق البلاد الأقل كثافة.