رأي

بعد و مسافة

فلنبدأ بكسر الأغلال ونعِفُّ شبابنا
     مصطفى أبو العزائم
 

 *تعقيب على مقال يخص زواج الأخوين أبناء الشيخ “عبد الرؤوف التكينة” من شقيق العروسين الدكتور “عاصم التكينة” .. ليتنا قرأنا وعملنا بما جاء فيه مع كامل شكرنا وتقديرنا لهذه الأسرة الكريمة التي نحسب أنها ستجدِّد في المفاهيم وتغيِّر في القيم حتى نعود لجادة الطريق.
   الأخ “مصطفى أبو العزائم”
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في البدء لك جزيل الشكر على المقال الرائع، وبالطبع هو يصب في صالح نشر الفضيلة وتيسير الزواج للشباب المعسرين وهم في الواقع غالبية الأمة المسلمة.
هذا المقال بمثابة تأكيد على المعاني التي أوردتها في مقالك بالإضافة إلى تصحيح وتوضيح بعض الأمور والأفكار بخصوص زواج الأخوين.
المتمحص في الزواج السوداني يجد أن العرس أصبح عشرة أعراس وأكثر، (قولة خير،خطوبة،كسوة مصاريف،سداد المال،الشنطة،الريحة،الشيلة،فطور أم العريس،العقد، الوليمة الكبيرة،السيرة، العشا،الحفلة،شهر العسل، الكرامة وعدة رمضان)،هذا البذخ والتعسير تمخَّض عنه عزوف الشباب عن الزواج وبُعد عن الطريق المستقيم، بل نتج عنه ميل للفاحشة والمخدِّرات،والجميع مسؤول عن هذا التدهور.
والأمر الإلهي واضح:( وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).انظروا إلى هذه العادات، وتفكَّروا فيها، لو أردنا فعلاً تطبيق هذه الآية وتحصين الشباب لوجدنا أنفسنا في غنى عن هذه العادات الذميمة، وهي في حقيقتها كالأغلال التي تقيِّد الشباب من العفة والإنتاج والإبداع.
الذي فعلناه في زواج الأخوين هو خطوتين في طريق المسؤولية وتيسير العفة للشباب.
عادة سد المال عندنا هو أن يذهب زهاء مائة شخص من أهل العريس ويأخذون معهم كذلك الشنطة والريحة، ويستقبلهم أهل العروس بالذبائح، فيأكلون المال الذي أتوا به وزيادة عليه. وكل الذي فعلناه في زواج الأخ “ضياء” هو أن أرسلنا فقط امرأتين ورجل لسداد المال، ولم يعلموا بقدوم وفدنا إلا عند طرق بابهم، فكانت التكلفة كوبين من الشاي والحمد لله.لكن العجيب في الأمر ليس ما فعلناه،بل العجب في أمر الأستاذ “الصافي الوسيلة” والد العروس، الذي كان يستعد لسداد مال ابنه “أبو ذر “بتجهيز ثلاث حافلات تتجه للخرطوم بعد حوالي أربعة أيام من قدوم وفدنا إليه، فأغبط بالطريقة الجديدة الميسَّرة،وقام بإلغاء الحافلات، وفاجأ أهل عروس ابنه بتقديم الموعد يومين ولم يعرفوا بهم إلا عند مشارف الخرطوم، وكان الوفد حوالي خمسة أشخاص، وتعاهد آل “الوسيلة” على تثبيت هذه السنة الحسنة.جزا الله خيراً آل “وسيلة” على هذه الاستجابة. اللهم انزل عليهم البركة.
كذلك عادة الناس بعد سداد المال تأتي النساء لترى ما أتى به العريس،وتصبح ممتلكات العروس معرضاً مفتوحاً لكل النساء،حتى الملابس الخاصة؟! وهذا حديث تلك الأيام،تفاخر وتباهي بما أتى به وانتقاص لما لم يأت به العريس،ونسوا أن الزواج أساسه المودة والرحمة، أما الخلق والدين فهما صفات المتقدِّم للخطبة وليس المال والجاه.
والذي حدث في زواج الأخت الدكتورة “حميراء” هو ما نريده من كل أولياء أمور الفتيات المسلمات، و”حميراء” طبيبة وداعية إلى الله، أخبرتني قبل عدة شهور أنها لا تريد سوى (20) جنيهاً، سودانياً مهراً من ابن خالتها المهندس “مصعب”، فقلت لها: هذه هي البركة ونزيد على ذلك أننا لن نقبل بالشنطة والريحة والشيلة، بل نجهزك نحن بما عندنا بالبسيط، بالملابس القديمة والجديدة معاً، ثم نزفك إليه وأنتما وحدكما من تقرران ماذا تشتريان وماذا تتركان دون أن يتدخل أحد أو يعرف ماذا اشترى لك، فرضيت بالأمر، وقالت لي هذا هو الصواب.هذا ما حدث بالضبط في سداد مال الأخت “حميراء” وأخبرنا أهل العريس أننا لن نقبل سوى الـ(20) جنيهاً، ولن نأخذ شنطة أو ريحة أو شيلة، وسنجهزها بما عندنا، ولن نسمح للنساء بالإطلاع على ممتلكاتها، ونزفها لعريسها وهما يتفقان على ما يأتي به العريس دون أن تتدخل أم العروس، أو أم العريس، أو أي شخص آخر.طبعاً هذا هو مربط الفرس، المقصود من هذا السلوك أن يتزوَّج الغني والفقير من الشباب دون تمييز، وأن تصبح العفة في متناول كل الأيدي، والفاحشة بعيدة المنال، وأن لا يعرف أحد ما حدث بين الزوجين إلا المهر القليل وعقد القران، وحتى لا يصبح الزواج وهو أهم وسيلة لبناء المجتمع السليم أداة للتفاخر والتحاسد والتفكك والهدم.
رسالة أخيرة أرسلها لكل أولياء الأمور،إذا تقدَّم أحد لخطبة ابنتك أو أختك فأسأل عن خلقه ودينه، فإذا أعجباك خذ مهراً قليلاً لا يتعدى المئات، واشترِ لها ثوباً وقميصاً وحذاءً وآمر زوجتك أن تجهزها لزوجها، وأعقد لها في المسجد وسلمها له واتركه يكرمها دون أن يتدخل أحد.
مرة أخرى أشكرك أخي “مصطفى” على مقالك الرائع وأرجو من الله أن ينفع به المسلمين.
أخوك
د.عاصم عبد الرؤوف التكينة

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية