سفير فوق العادة !!
على الرغم من هجرة عدد كبير من أبناء السودان بغرض الرزق، إلا أن هناك ممن يرى أن السودان فيه خير وفير لا بد من الاستفادة منه، وهذا ما يراه السفير “علي بن حسن الحمادي” الذي شغل منصب سفير دولة قطر بالخرطوم لمدة تسع سنوات تقريباً، وعلى الرغم من انتهاء فترة عمله بالخرطوم وتعيينه المدير العام للهلال الأحمر السعودي، ولكن كان يرى أن السودان دولة فيها خير ولابد أن تستفيد الأمة منه.. لذا أحب السودان وأهله.. أحب الاستثمار فيه، عندما حدثنا أنه أخذ مزرعة بغرب أم درمان لم نتوقع أن هذا الرجل الدبلوماسي الرقيق يعيش وسط الزرع والبهائم.. زرنا المزرعة التي تقدر مساحتها بحوالي اثنين كيلومتر مربع، خسر فيها ما يقارب الخمسة ملايين دولار لاستصلاح الأرض وحفر الآبار وتوصيل الكهرباء، وعلى الرغم من المعاناة التي واجهها وما زال يواجهها في ما يتعلق بتوفير الكهرباء التي دفع مليون دولار لتوصيلها، إلا أنها غير مستقرة، إضافة إلى عدم توفير الجاز له في حال انقطاع الكهرباء.. لقد أحب “الحمادي” السودان، وربما أكثر من الكثيرين من أهله فكان بإمكانه أن يستثمر أمواله في أي دولة أخرى، كما فعل الكثيرون من المستثمرين الأجانب أو أبناء السودان، الذين طفشوا بسبب التعقيدات التي يواجهونها من وزارة الاستثمار أو الموظفين أو الأتاوات الكثيرة التي جعلتهم يفرون بجلدهم، ولكن مازال “الحمادي” صابراً وضاغطاً على الجمر، والمزرعة بدأت الإنتاج في البرسيم والتمور، وهناك كميات من المانجو والليمون والحبوب الزراعية المختلفة التي شرع في زراعتها.. فهو سفير فوق العادة وما زالت صداقاته ممتدة مع أصحابه وأصدقائه من الوزراء والمسؤولين، وكلما زار السودان متفقدا مزرعته دعا إليها عددا منهم ولو عمل معظم الدبلوماسيين الموجودين بالسودان، كما الذي عمله “الحمادي” لتوطدت العلاقات أكثر و”الحمادي” حث عددا كبيرا من المستثمرين القطريين لاستثمار أموالهم بالبلاد، وبالفعل جاء عدد منهم، والديار القطرية على ضفة النيل الأزرق تعد من صنيعه، و”الحمادي” يعمل في صمت رغم علاقاته الاجتماعية الواسعة مع أبناء السودان، ولم يكتفِ “الحمادي” بمشروعه الزراعي، بل عمل مدرسة وخلوة لتحفيظ القرآن ومسجدا داخل المزرعة وخارجها، فهل تقف الدولة مكتوفة الأيدي فيما يواجهه من عدم توفير كهرباء مستمرة أو حتى منحه إعفاء لاستيراد سيارة خاصة له أو لتنقل أبنائه خلال وجوده بالبلاد، هذا جحود من الدولة فإن لم تقدم له اليسير مما يطلبه بالتأكيد سينفد صبره وسينقل استثماره إلى أي دولة أخرى، والخاسر الأكبر الدولة لأن الإمكانيات التي معه سيوجهها إلى دولة أخرى، ولكن لأن “الحمادي” أحب السودان لا اظن أنه سوف يتصرف بحماقة كالآخرين.. ويجب أن يستفيد أصحاب المزارع الموجودين فى نفس المنطقة وأن يعملوا على استثمارها بدلا من وضع السياج عليها توطئة لبيعها إلى اقرب مستثمر عربي أو أجنبي أو حتى سوداني، فالسودان وما يتمتع به من أرض زراعية ستجعله يكفي العالم اجمع وما شاهدناه في مزرعة “الحمادي” يفترض أن يشجع الآخرين على الاستثمار الزراعي لأن المستقبل في الزراعة، وإذا تشجع المستثمر السوداني فلن يجوع أهل السودان أبدا، وقد لاحظنا أننا محاصرون لما يقارب العشرين عاما ولكن لم نجُع أو نصَب بالهلع، فمنطقة غرب أم درمان أرض خصبة ويجب توزيعها لكل راغب في الاستثمار الزراعي والحيواني لأن “الحمادي” لم يكتف بالزراعة فقد بدأ في تربية الضأن والجمال، وربما قريبا يدخل الدواجن ثم زراعة الخضروات، والمسافة من تلك المزارع إلى الأسواق بأم درمان قريبة، وآلاف الأفدنة ما زالت محتاجة إلى زراعتها فهنيئا لك “الحمادي” بهذا المشروع الذي نأمل أن يكون فيه فائدة لك ولأهل السودان.