رأي

الحاجز النفسي بين "جلال الدقير" و"إشراقة سيد محمود"

بقلم – عادل عبده
عاصفة عاتية من المعلومات الكثيفة اندلقت خلال الأيام الفائتة عن لقاء منظَّم جرى بلندن في تكتم شديد بين الدكتور “جلال الدقير” والأستاذة “إشراقة سيد محمود”، فقد ظلت وتيرة المعلومة خطيرة تكبر على شكل متوالية هندسية بإيقاع مدروس قوبل بالدهشة والحيرة والاستغراب من الكثيرين في الساحة الاتحادية والشارع العام، وقد كانت حجة هؤلاء كيف يحدث مثل هذا الاجتماع على أريكة الجراحات الغائرة والعداوة السياسية الغليظة، وما هي أهدافه وأبعاده؟، فالذي حدث بين “جلال” و”إشراقة” صار منقوشاً في الأعصاب والأحاسيس تجاوز قاعدة رحلة العودة للود القديم بعد كسره الخطوط الحمراء والمسلمات الطبيعية.
من بين تساؤلات وحيرة واستنتاجات هؤلاء جاءت إفادة الأستاذ “عبد الباقي مصطفى” (أبو دوم) الرجل المقرَّب من “الدقير” قاطعة كضربة سيف، قائلاً: إن هذا اللقاء تم في الأحلام الوردية وخيال مروِّجي الشائعة الفطيرة، وزاد بقوله: إن التراكمات الكثيفة في دواخل “جلال” لا تسمح بذلك.
السؤال المركزي.. هل المصالحة السياسية بين “جلال” و”إشراقة” صارت من المستحيلات الرابعة؟ وهل القاموس السياسي لا تعرف قوانينه ومساراته عودة المياه لمجاريها في الحروب الطاحنة بين الساسة؟ بل ما هي طبيعة الهواجس والمتاريس التي تحول دون الإمساك بحبل الرجوع بين الاثنين؟.. من الواضح أن طبيعة المنهج الذي سلكته “إشراقة” في حربها الضروس مع “جلال” كان يمثِّل هجوماً كرنفالياً من عربات وآليات وحناجر شاخصة يتجدد على مدار الأيام في مشهد مثير تتقلب عليه روح الشطط الحارق والبلاغات القاسية التي وصلت حدود المساس بالذمة المالية والطعن في المواقف الحزبية، ولا شك أن هذه المعطيات الواضحة، كما يقول الكثيرون، كان طبيعياً أن تخلق حاجزاً نفسياً في دواخل “جلال” لا يدفعه بالموافقة على التفاهم مع “إشراقة” بعاصمة الضباب خشية ما يترتب على ذلك من شهادات غير لائقة في حقه.. ودائماً يتولَّد الحاجز النفسي من مضاعفات هذا السلوك الغليظ الذي ينطلق من الخصوم السياسيين، سيما إذا كانوا من أصحاب الصلات القديمة كحالة “إشراقة”، وبذات القدر يستعصى على أصحاب المزاج الحساس والنفوس الهادئة التساهل في مثل هذه الأمور، كما تصوَّر أولئك الذين قاموا بدلق شائعة اللقاء.. وربما يكون الحاجز النفسي، أيضاً، تولَّد في دواخل “إشراقة” التي قد تشعر بأنها قد حرقت المراكب مع الرجل الذي ما زال يملك المفاتيح في حزبه.. ولو أن “جلال” تبادل المساجلات اللفظية مع “إشراقة” لكان في إمكانه الجلوس معها بكل يسر، غير أن ابتعاده عن المعاملة بالمثل يعكس الخطوة الطبيعية برفض اللقاء.
واحدة من معضلات التفاهم بين الاثنين إذا أخذنا في الاعتبار تباعد هذه الفرضية بحسب رأي البعض فإن دور أسرة “جلال” المكوَّنة من إخوانه وأبنائه سيكون أساسياً في هذه النقطة بحكم الترابط الوجداني في عائلة الشيخ المرحوم “يوسف الدقير” التي تنظر للدكتور “جلال” كقائد لأسرتهم الممتدة وهو يتعرَّض لعواصف قاسية من “إشراقة”.
كانت هنالك فرصة تفاهم مع “إشراقة” من جانب جلال “الدقير” وبين سفره إلى لندن في أوج الخلاف العاتي، فقد تحرَّك الرجل لإنجاح هذه العملية التصالحية بناءً على نقطتين.. الأولى من موقع عاطفي وأبوي يتماهى مع مسؤوليته القيادية، والثاني من منطلق سياسي مبني على الدهاء والتكتيك الاحترافي، وذلك بهدف إيقاف التشهير بالحزب ودق اسفين بين “إشراقة” والذين يقدمون لها الدعم اللوجستي والمالي من وراء الحجب، غير أن المبادرة لم تنجح نتيجة للتوهمات والتدخلات والهواجس.
جذوة الحاجز النفسي بين “جلال” و”إشراقة” كانت أكبر في محتواها وأبعادها وآثارها من عاصفة المعلومات الكثيفة التي تحدَّثت عن اللقاء الذي تم بينهما في العاصمة البريطانية.. ولا يعرف إذا كانت هذه الجذوة ستكون متقدة في الدواخل إلى أي مدى، وهل تستطيع الأيام ودوران الزمن وتقلُّب الظروف والمناخات إحداث أي تغيير في أوضاعها وشكلها، فهي نتاج طبيعي لحرب ضروس جاءت بعد زمالة طويلة قلبت الموازين بشكل دراماتيكي كان يصعب تصديقه لولا أنه عانق أرض الواقع على رؤوس الأشهاد.
على المستوى الشخصي لا أملك الإجابة على مصالحة سياسية بين “جلال” و”إشراقة” ولا أملك تصوُّراً واضحاً وإجابة قاطعة حول إمكانية فتح النوافذ بين الاثنين، لكنني أترك الإجابة للزمن وإيقاعه.

   

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية