الثورة تراجع ولا تتراجع!!
إبان الحكم المايوي كانت هناك كثير من القرارات غير الصائبة فاعترض البعض عليها ولم سمع الرئيس الأسبق “نميري” بعدد من الحالات التي يجب أن تراجعها الثورة، قال قولته الشهيرة الثورة تراجع ولا تتراجع، الآن وبعد عدد من القرارات التي أصدرتها إدارة الحج لحجاج هذا العام والذي بلغت فيه التكاليف فوق المتوقع، وأن نسبة الزيادة كانت فوق الخيال، إذ أن تكلفة الحج بالطائرة فاقت الأربعين ألف جنيه وهذا رغم خرافي لا أحد يتوقعه ولذلك رأى البرلمان أن يستدعي الجهات المسؤولة عن حج هذا العام لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء هذه الزيادات لحج هذا العام، وإذا كانت ثورة مايو قالت تراجع ولا تتراجع فإن الإنقاذ ينبغي قبل أن تتراجع أو تراجع، أن تتعلم من السنين السابقة في مثل هذه القرارات التي يقع الضرر فيها على المواطن المسكين. وإذا كان البرلمان يرى أن تكلفة الحج غير واقعية لماذا لا تكون هناك دراسة متأنية قبل صدور مثل هذا القرار. إن مشكلة المسؤولين في السودان كل شخص يعمل وكأنه في جزيرة معزولة عن الآخرين، فإذا نظرنا إلى جزء بسيط مثلاً سفلتة طريق معين داخل المدينة أو إدخال شبكة كهرباء أو توصيل مياه إلى إحدى أحياء المدينة، نجد كل تلك الجهات تعمل منفردة فما أن تبدأ الجهة المسؤولة عن سفلتة الطريق أو الانتهاء عن عملها تجد جهة أخرى قامت بقطع الطريق الذي لم تمض على سفلتته أيام.. وكذلك ناس الموية، وتوصيلات الكهرباء، لا أدري لماذا ينعدم التنسيق بين أجهزتنا المختلفة؟ لماذا وكأننا في دولة أخرى؟ لماذا كل جهة تعمل منفردة عن الأخرى؟ ونطرح سؤالاً هنا لماذا اتخذت إدارة الحج والعمرة قرارها قبل أن تجلس مع كل الأطراف لتصدر لنا هذا الرقم الفلكي لحج هذا العام ..ألم يعلم الوزير أو المدير التكلفة المناسبة للحجاج؟ وهل وزارة المالية لا تدرك مثل هذه القرارات وأن التراجع منها يؤكد عدم التنسيق بين الأطراف المختلفة. لا أظن أن دولة من الدول بلغت تكلفة الحج فيها هذا الرقم الخرافي. إن الحج عبادة وشعيرة وركن من أركان الإسلام فالاستطاعة لا تعني هذه التكلفة الباهظة.. فالحجاج ذاهبون إلى بيت الله ولم يذهبوا إلى تجارة حتى تعاملهم الدولة وكأنهم تجار، وإذا كانت تكلفة الحج كل عام تصاعدياً لا أظن أن البسطاء من المواطنين يستطيعون أن يؤدوا هذه الشعيرة ولو مد المولى في أعمارهم إلى مائة عام، فالبرلمان الذي طالب الجهات المسؤولة بالحج والعمرة لاجتماع للنظر من جديد في التكلفة لا أظنه يستطيع أن يراجع تلك التكلفة، لأن وزارة المالية ستقول له إن أسعار العملات الأجنبية قد ارتفعت بسبب الحصار الاقتصادي، وأمريكا حتى الآن لم ترض عننا لينخفض سعر الدولار الذي وصل تسعة عشر جنيهاً، وأن عملتنا ضعيفة ولذلك هذه هي التكلفة التي وضعناها في ظل تلك الظروف، والحج أصلاً استطاعة فمن لم يستطع فعليه أن ينتظر إلى أن ترضى عنا أمريكا وينخفض الدولار وتصبح العملة السودانية أقرب إلى سعر الدولار، وفي مثل هذه الحالة يمكن أن تكون تكلفة الحج للسودانيين عشرة ملايين جنيه، وبذلك يمكن أن يؤدي المستطيعون وفق هذه التكلفة الحج وهذا أقل سعر للراغبين، ولكن أن نتراجع عن الأسعار التي وضعناها فلا يمكن، ونقول لحجاجنا المستطيعين وفق التكلفة القديمة نقول ليهم حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً والما مستطيعين هذا العام فلينتظروا رفع العقوبات الأمريكية.