هل يفتح وزير العدل حقائبه أم يتركها مغلقة؟
أخيراً عينت الحكومة الدكتور “إدريس جميل” وزيراً للعدل بدلاً عن وزير العدل الذي لم تكشف الحكومة حتى الآن عن أسباب إبعاده من التشكيلة الوزارية في آخر لحظة، على الرغم من أن شهادته الجامعية والماجستير قالوا إنهما صحيحتان، وخلي المنصب منذ فترة ولم تعلن الحكومة عن بديل للوزير السابق.. وأخيراً أعلن رئيس الجمهورية أمس عن تعيين وزير عدل جديد ما زال بالخارج ولم يعش طويلاً بالبلاد منذ أن تخرج، فكل خبرته اكتسبها من المملكة العربية السعودية التي عمل بها مستشاراً قانونياً في الشركة “الشرقية” للبتروكيماويات ومديراً للإدارة القانونية بشركة “المراعي”، ومن ثم انتقل إلى قطر التي عمل فيها مديراً للإدارة القانونية لشركة “قطر للحديد والصلب”، ومديراً للإدارة القانونية وسكرتيراً لمجلس الإدارة في شركة “حصاد” الغذائية بدولة قطر.
الدكتور “إدريس جميل” يتمتع بخبرة كبيرة في المجال القانوني، لكنها خبرة خارجية ووزارة العدل تحتاج إلى رجل خبر دروبها وقضاياها.. فهل كل كليات القانون وكل أستاذة القانون لم تجد الحكومة بينهم شخصاً مناسباً لتختاره ليملأ المنصب الذي شغر لأكثر من شهرين؟ ولماذا الإصرار على شخصية من الخارج؟ هناك من عملوا في وزارة العدل لعشرات السنين من بداية السلم حتى وصلوا مواقع متقدمة جداً في الوزارة وهناك من يحملون درجات علمية من داخل السودان إن كان على مستوى البكالوريوس والماجستير أو الدكتوراه وحتى درجة البروفيسور، وكلها خبرات تتيح لهم أن ينالوا الموقع والحكومة ليست في حاجة أن تبحث عن شخصيات قانونية من الخارج.. وكان بإمكان الحكومة أن ترفع الأستاذ “عمر أحمد” إلى منصب وزير العدل لأن الأستاذ “عمر” بدأ عمله بديوان النائب العام من بداية السلم حتى ترقى إلى منصب النائب العام بعد فصل النيابة ومن ثم تبحث الحكومة عن شخص يملأ منصب النائب العام.
وزير العدل الجديد سيصطدم بمشاكل كثيرة قد لا يكون ملماً بها من داخل الوزارة والملفات القديمة والجديدة، وحتى يتعرف على الطاقم الذي سيعمل معه سيستغرق شهوراً، ولا يعلم الوزير الجديد عمليات الحفر والإنشاءات في الخدمة المدنية السودانية التي لم يدخلها من قبل.. وكيف سيتعامل مع الصراعات الداخلية التي عصفت بالإخوان “مدحت عبد القادر” و”زمراوي” و”دوسة” والدكتور “عوض الحسن النور” الذي جاء وهو أكثر حماساً للعمل في الوزارة وهو القاضي المتمكن الذي خبر دروب القضاء والنيابة العامة وله من الصداقات والعلاقات الاجتماعية الكبيرة ورغم ذلك وقع في الحفر التي حفرت له وسقط فيها، وتبددت كل الآمال والطموحات التي كان يأمل تقديمها.. فإذا كان هذا حال مولانا “عوض الحسن النور” الذي عاش معظم حياته في ردهات القانون والقضاء فما بالك بشخص لم يعمل في الخدمة المدنية ولا يوم وكل عمله في مكاتب محاماة خاصة، وجل عمله القانوني خارج البلاد، حيث لا توجد أي مشكلة مع أي شخص كل الناس تعمل من أجل العدالة.. لكن في السودان الكل يعمل ضد الآخر مهما كنت، ولو نزلت من السماء ستحاك ضدك المؤامرات والدسائس.. فإما أن تجاريهم فيما يقومون به، أو تعمل على تصفية الشللية وأصحاب الغرض من أول يوم.. وإلا ستكون ضحية للمؤامرات، وبعد أقل من المدة ستحمل حقائبك وترحل إلى المكان الذي أتيت منه.
لذا لا نتوقع شهر عسل سعيد لوزير العدل الجديد.. فإما الضرب بيد من حديد أو الرحيل المبكر كما جرى للدكتور “عوض الحسن النور”.