يوغندا تستثمر في اللاجئين والحرب على الأيدز والإرهاب المسيحي
أوراق من كمبالا الحلقة الثانية
لماذا داهمت قوات الأمن مقر اجتماع قطاع الشمال؟
وكيف نجا “مبارك أردول” من الاعتقال؟
“حسبو”.. ثلاثة ملايين ونصف لاجئ في السودان منهم (2) مليون جنوبي
كمبالا -يوسف عبد المنان
{ ورقة رابعة
عقد في العاصمة اليوغندية كمبالا مؤتمر اللاجئين الذي دعت إليه حكومة الرئيس “يوري موسفيني” التي تنتهج سياسة استيعاب اللاجئين في المجتمع اليوغندي وعدم التميز بين اللاجئين والوطنيين في التوظيف وتقديم الخدمات، وبالتالي يتقاسم المواطنين اليوغنديين الخدمات التي تقدمها الحكومة مع اللاجئين القادمين من جنوب السودان والكنغو والسودان وبورندي والصومال ورواندا وأريتريا وأثيوبيا، وترفض الحكومة اليوغندية إقامة معسكرات للاجئين تشرف عليها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وبالتالي تطالب الحكومة اليوغندية المجتمع الدولي تحسين الخدمات والمساهمة في مشروعات البني التحتية بدلاً عن تقديم الغذاء للاجئين وإحالتهم إلى عاطلين عن العمل.. ويعيشون على فتات يقدمه المجتمع الدولي لهم .. وعقد المؤتمر الخاص باللاجئين في تطوير البني التحتية في دولة استفادت من اللاجئين واستطاعت تطوير قدرات بعضهم في مهن عديدة، وفي ذات الوقت يمثل استيعاب اللاجئين في المجتمع دعاية لمشروع الرئيس “يوري موسفيني” الذي يعتبر نفسه زعيماً لوسط القارة الأفريقية.. وفي الجلسة الافتتاحية لمؤتمر اللاجئين تم توظيف الدراما والمسرح لخدمة السياسة.. وبعبقرية وذكاء بعد الكلمة الافتتاحية للمؤتمر التي قدمها شاب دون الأربعين من العمر يرتدي بدلة أفريقية دون رباط عنق.. رمادية اللون وبنطال أسود.. قال عنه الرئيس “يوري موسفيني” الذي ترأس الجلسة إنه حاكم مقاطعة كيتوي الواقعة شمال غرب يوغندا، وهي من المقاطعات التي تستضيف اللاجئين.. وتحدث بنبرة هادئة داعياً المجتمع الدولي لمساعدة المقاطعات اليوغندية الريفية حتى تنهض بخدمات تليق بالإنسان اللاجئ والوطني.. وصعدت فتاة إلى المسرح الذي أقيم على ضفاف بحيرة فكتوريا، حيث المناخ المعتدل والأمطار التي تهطل برفق دون زوابع وأعصاير.. الفتاة التي صعدت لمخاطبة المؤتمر ذات ملامح عربية.. وترتدي خماراً وعباءة محتشمة.. أنها “سميرة” صومالية الأصل ولدت في يوغندا بعد هجرة والدتها إلى كمبالا.. بعد مقتل والدها في الحرب الصومالية، وقالت بنبرة حزينة: أنا صومالية الأصل يوغندية الميلاد، تم طرد والدتي من وطنها الصومال بعد أن قتلوا أبي الذي لم أره.. وحتى الصورة الوحيدة التي كانت أمي تحتفظ بها فقدتها قبل ميلادي.. عشت هنا مثل أي فتاة يوغندية درست الابتدائية الإعدادية والثانوية، والآن أدرس في جامعة كمبالا.. مثل أي فتاة يوغندية، لا تميز الحكومة هنا بين اليوغندي والأجنبي الذي فرضت عليه حروب أفريقيا أن يهجر دياره.. أقف أمام المجتمع الدولي وأحث ضميره بأن يقدم يد العون ليوغندا من أجل شعبها الطيب ومن أجل اللاجئين.
ثم توالت فصول مسرحية في غاية التشويق والإثارة وصعد رجل أعرج يسير على عكازه ويرتدي قبعة مثل تلك التي يرتديها الرئيس السابق لبلاده “زائير موبوتو”.. الذي أطاحت به نخبة من الكنغوليين الثائرين على الدكتاتوريات القديمة، الرجل ذو الشعر الأجعد والوجه الدائري والأسنان الحمراء والبشرة التي تميل إلى البياض، قال: لقد قطعت الحرب رجلي.. وطردني الصراع في زائير من المنجم الذي كنت أعمل فيه أنا لاجئ قديم في يوغندا.. أطالبكم بتقديم خدمات تليق بالإنسان اللاجئ.. ثم كانت الفاجعة التي يشعر المرء بالمسؤولية عنها.. أنها “أشويل” من جنوب السودان، قالت: هناك آلاف من الأطفال والنساء يموتون في بلدي ولا يشعر بهم أحداً.. نحن شعب كابد طويلاً من أجل الحرية وحق تقرير المصير، وحينما حصلنا على ذلك الحق كانت الفاجعة أكبر والحرب أكثر تدميراً لوطننا.. وتحدثت “حليمة آدم” من دارفور، وقالت إنها تكفل (6) أطفال جاءت إلى هنا.. هروباً من الحرب.. وبشاعة ما يحدث في دارفور، ومن أجل اللاجئين وحتى يجد أطفالها الستة مقاعد في فصول الدراسة.. على الدول الأوروبية والأفريقية أن تقدم الدعم ليوغندا.. وعلى كرسي متحرك صعد رجل ثمانيني أثيوبي الأصل.. قال: إن يوغندا استقبلته جريحاً وضمدت جراحه.. وقدمت له المساعدة ليعيش مع أصحاب الاحتياجات الخاصة.. يطالب الأمم المتحدة بأن تقدم العون ليوغندا التي تخصص ميزانيات كبيرة للاجئين.. وتغنت فرقة تسمى “زيزي” بأهازيج تدعوا للسلام في أفريقيا ونشر الطمأنينة.. ونبذ الحرب وإحلال السلام.. وحينما تحدث الرئيس “يوري موسفيني” لم يخف حسرته الشديدة على تدهور الأوضاع في جنوب السودان، وقبل أن يستخدم براعته في استمالة المستمعين إليه وهو يمزج بين الهزل والجد ويروي القصص الطريفة مثل عجوز أفريقية تداعب طفلاً وتنتظره يغرق في النوم.. قال “موسفيني”، إن بلاده تفتح ذراعيها لعدد كبير من اللاجئين الأفارقة، وقرأ هذه الأرقام.. من جنوب السودان (950) ألف لاجئ، ومن الكنغو الديمقراطية اثنان ألف وخمسمائة لاجئ، ومن شمال السودان ثلاثة آلاف و(240) لاجئ.. ومن بورندي ثلاثة آلاف لاجئ، ومن الصومال (9) آلاف لاجئ، ومن رواندا (13) ألف لاجئ.. ومن إريتريا (11) ألف لاجئ، ومن أثيوبيا (3) آلاف لاجئ.. وعدد “موسفيني” أسباب اللجوء وقال: هي الحروب والجفاف والنزاعات السياسية، وأن بلاده ليست مثل الدول التي تمنع اللاجئين من العمل بزعم حماية الوطنيين، لأن جميع اللاجئين هم أفارقة، ويوغندا بلد أفريقي.. ومن قسم أفريقيا إلى بلدان صغيرة وكبيرة هم المستعمرين الأوروبيين.. وضعوا الحدود الحالية لخدمة قضاياهم، ونحن الآن نمزق هذه الحدود ولا نعترف بها في التعامل مع الشعوب، ولكن نحترمها كحدود سياسية.
{ ورقة خامسة
لم يخف مفوض مفوضية اللاجئين المهندس “حمد الجزولي” حسرته على عدم استفادة السودان من استضافته لعدد كبير جداً من اللاجئين يعادل ضعفهم في يوغندا.. بل إن المهندس “حمد الجزولي” يجد نفسه في حرج بالغ عندما يقول مسؤول كبير، إن عدد اللاجئين في السودان ثلاثة ملايين ونصف، وبعد غدٍ يقول مسؤول كبير آخر إن عدد اللاجئين (2) مليون ونصف، والسودانيون لا يبالون في إطلاق الأرقام.. حينما قالت منظمات غربية: إن عدد ضحايا حرب دارفور مليون نسمة، قالت الحكومة إنهم عشرة آلاف فقط، وهو عدد كبير قصدت منه التقليل من أرقام المنظمات الغربية فدمغت نفسها بإدانة لم تستطع منها فكاكاً.. إذا كانت يوغندا تستضيف نحو مليون ونصف لاجئ، ولكنها تستفيد من اللاجئين وتستقطب الدعم العالمي لصالحهم، وفي بلادنا أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ، أغلبهم من دولة جنوب السودان، وقد أثار تنظيم يوغندا لمؤتمر اللاجئين إعجاب الوفد السوداني، خاصة الفريق “أسامة مختار” نائب مدير جهاز المخابرات، وهو شخصية تتمتع بوعي سياسي عميق ورؤية إذا حاورته أحسست بأن الوطن في أيادي أمينة.. وأن النظارات السوداء لا تخفي من ورائها الغموض فقط.. بل تخفي معالم قيادات أكثر وعياً بقضايا العصر من السياسيين المحترفين الذين يملأون الدنيا حديثاً.. ويوغندا الدولة التي كاد مرض الأيدز أن يقضي على سكانها في سنوات مضت خرجت من أزمة المرض القاتل، وقد بحثت في أثناء وجودي بكمبالا عن مسؤولين في وزارة الصحة اليوغندية للحديث معهم حول تجربة القضاء أو الحد من مرض الأيدز، ولكن فشلت محاولات السفيرة “نجوى قدح الدم” في الوصول لوكيل وزارة الصحة اليوغندية.. وحصلت يوغندا في حربها على المرض على مبالغ مالية تصل لـ(10) مليار دولار، أمريكي، من المانحين، وشيَّدت عدداً من المستشفيات، وبعد معركة الأيدز اتجهت يوغندا لقضية الحرب على جبهة غرب النيل ومحاربة تنظيم جيش الرب الذي يدعي قائده الكونيل “جوزيف كوني” إنه مكلف من الرب بتطبيق عشرة وصايا وردت في الكتاب المقدس وأهملها القساوسة والمسيحيين، وقد أدعى ذلك الجنرال أن تكليفاً سماوياً بلغه من الرب دون سائر المسيحيين في الأرض، واعتبرت يوغندا “جوزيف كوني” إرهابي (ودرويش) في رحاب المسيحية.. وحصدت دعماً كبيراً من الغرب نظير حربها للتطرف والإرهاب المسيحي.. وفي كل مرحلة تجد كمبالا ما تقدمه للعالم وتحصل بموجبه على المال.. لكن السودان الذي يحتضن أكثر من ثلاثة ملايين من اللاجئين لم يفكر بعد في الاستفادة من هذا الوجود أو على الأقل جعل العالم يتحمل نفقات اللاجئين، وفي خطابه أمام مؤتمر اللاجئين قال “حسبو محمد عبد الرحمن” نائب رئيس الجمهورية الذي تحدث باللغة العربية رغم إجادته للإنجليزية ولسانه الطليق في التعبير عن النفس والدولة التي يمثلها.. و”حسبو” مثلما شكل حضوراً كبيراً في الساحة الداخلية بنشاطه وحركته بين الولايات المركز.. وجد الرئيس “البشير” في “حسبو” القطعة التي يبحث عنها في منظومة الحكم لمساعدته في الشأن الخارجي وخاصة الملف الأفريقي.. في حديثه قال “حسبو”، إن أسباب اللجوء الخارجي والنزوح الداخلي تعود للصراعات المسلحة والنزاعات، ولذلك على الدول تحمل مسؤولياتها في تخفيف حدة الصراعات بالحوارات الوطنية على غرار ما أقدم عليه السودان الذي ظل يستقبل اللاجئين منذ ستينيات القرن الماضي، حينما نشبت الحرب في الكنغو وفي السبعينيات، حيث النزاع في القرن الأفريقي ومشكلات الطبيعة من جفاف وتصحر وحتى بلغ عدد اللاجئين ثلاثة ملايين ونصف المليون لاجئ، من بينهم حوالي (2) مليون لاجئ، من دولة جنوب السودان عادوا إلى ذات المناطق التي كانوا يقطنونها قبل الانفصال، إضافة إلى مليون من الجنوبيين رفضوا العودة من حيث المبدأ بعد انفصال دولتهم وآثروا البقاء في الدولة الأم ولم يقدم المجتمع الدولي إلا (20%) فقط، من احتياجات هؤلاء اللاجئين.. وطالب “حسبو محمد عبد الرحمن” المجتمع الدولي لوقف دعم الحركات المسلحة السالبة التي تساهم في تفاقم ظاهرة اللجوء في القارة الأفريقية.. وقدم رؤية السودان لكيفية حل الصراعات من خلال الحوار الوطني الداخلي.. وإشراك القوى المعارضة في مؤتمر موسع.. وأهدى تجربة الخرطوم في الحوار إلى الأشقاء الأفارقة.. وقد أخذت دولة جنوب السودان بالتجربة، وذلك بعد فشل مبادرات التوافق بين حكومة الجنرال “سلفاكير” والفرقاء من حاملي السلاح.
{ ورقة سادسة
العاصمة اليوغندية كمبالا تشهد حركة عمران مطردة.. وشأنها كالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا، استفادت يوغندا من الانفتاح الصيني على القارة الأفريقية، وقد ساهم السودان في هذا الانفتاح مجاناً وقدم التجربة الصينية في استخراج البترول للقادة الأفارقة، فأقبلوا على بكين التي تنافس اليوم الولايات المتحدة في القارة الأفريقية، بل تتفوق الشركات الصينية على الغربية في مجالات الإنشاءات والتنقيب على المعادن. وتنفذ الشركات الصينية مشروعات بني تحتية بمواصفات عالية الجودة.. ومن يقصد العاصمة اليوغندية كمبالا.. بعد الهبوط في مطار عنتبي يواجه مشقة في الوصول لكمبالا بسبب الزحام على الطريق الوحيد الذي يربط الميناء الجوي في عنتبي بالعاصمة كمبالا بمسافة (40) كلم.. وتخنق روائح مخلفات الدراجات البخارية المواطنين وتحرمهم من تنفس الهواء المنعش الرطب الذي ينبعث من سماء بحيرة فكتوريا.. في العاصمة اليوغندية كمبالا تنشط هذه الأيام المجموعات السودانية المعارضة في تجميع نفسها.. خاصة الحركة الشعبية لتحرير السودان التي انشقت إلى فصيلين عملياً. بذهاب “عبد العزيز الحلو” إلى جبال النوبة، وأدار ظهره لقطاع الشمال.. وفي كمبالا العاصمة يقيم بعض قادة الحركات المسلحة في فنادق صغيرة شديدة البؤس.. وتقدم إليهم الحكومة اليوغندية مساعدات إنسانية تحت بند اللاجئين (إنسانياً)، وهم في الواقع جماعات مسلحة.. ولكن بعد المسافات جعل وجودهم في كمبالا ليس له أثر مباشر مثل وجودهم في جوبا وليبيا والتصدع الذي غشى الحركة الشعبية وشق صفها.. في كل مكان جعل “مبارك عبد الرحمن أردول” و”بثينة دينار” ينشطان في استقطاب اللاجئين من أبناء جبال النوبة لصف “ياسر عرمان”، وبعيداً عن “عبد العزيز الحلو”، وفي ذات الوقت يقود “علي النور”، وهو من الناشطين سياسياً من أبناء جبال النوبة تياراً مناوئاً لـ”ياسر عرمان”، في كمبالا.. و”علي النور”، كان من الإسلاميين والناشطين في قطاع الطلاب بالمؤتمر الوطني، لكنه قطع المسافة التي تفصل بين الحركة الشعبية والحركة الإسلامية في أيام معدودة وانضم للأولى بمحض اختياره، وحينما دعت مجموعة “ياسر عرمان” لاجتماع استقطابي لأبناء النوبة الأسبوع الأخير من رمضان.. أبلغت المجموعة الأخرى السلطات الأمنية في دولة يوغندا عن الاجتماع الذي تعتزم مجموعة “مبارك أردول” و”بثينة دينار” عقده.. فداهمت قوات الأمن اليوغندي مقر الاجتماع واستطاع “أردول” الهروب بعد أن كاد الوقوع في قبضة الأمن اليوغندي.. ولكن السؤال هل فض ذلك الاجتماع كان بسبب ميول الرئيس “يوري موسفيني” إلى جهة “عبد العزيز الحلو” الذي تقف معه حكومة جنوب السودان؟. وتقول المصادر بأنها هي من دفعته لاتخاذ خطوة طرد “عرمان” من الحركة الشعبية، لأن الرئيس “سلفاكير ميارديت”، لا يريد رؤيته مرة أخرى يقف أمامه وبين “سلفاكير” و”عرمان” مشكلات وصراعات تمتد لما قبل مقتل “جون قرنق”.
{ ورقة أخيرة
حينما بزغت شمس صباح التاسع والعشرين من رمضان.. كان الوفد السوداني قد حزم حقائب العودة إلى الخرطوم بعد أن وجه النائب “حسبو” مدير مكتبه د.”الفاتح حسن المهدي”، بإبلاغ الطاقم الذي يقود الطائرة الرئاسية بالاستعداد للإقلاع مبكراً من مطار عنتبي، حتى يستطيع بعض أعضاء الوفد الذي ينوون قضاء العيد خارج الخرطوم السفر في ذات المساء.. وفي المطار كان مساعد الطيار الأوكراني النشط يضع الحقائب في مؤخرة الطائرة وقائد فريق مراسم الدولة عماد هباش”، يدقق في حقائب وأعضاء الوفد، وما أن أقلعت الطائرة من مطار عنتبي حتى غشيت الطيار الأوكراني أعراض ذبحة قلبية وتبدى القلق في وجه الكابتن “بدر الدين” أحد الكفاءات النادرة في الطيران الرئاسي، وقد سقط الطيار على الأرض وفشلت كل محاولات إسعافه والطائرة تجاوزت مدينة جوبا شمالاً وأصبحت أقرب محطة يمكن أن تجد فيها خدمات طبية لإنقاذ الطيار الأوكراني هي مدينة الأبيض، وحينما حلقت الطائرة في سماء مدينة كوستي مات الطيار الأوكراني.. وتم وضع الجثمان بين مقاعد الوفد الذي خيَّم عليه الصمت، فالموت له هيبته.. وسطوته.. وحتى د.”الفاتح الحسن” الذي يقرأ الكتب في الرحلات مثل مولانا “أحمد هارون” انصرف للتأمل في نافذة الطائرة.. التي حينما حطت بمطار الخرطوم كان الإسعاف يقف مستقبلاً لها قبل الشيخ “إبراهيم السنوسي” مساعد الرئيس الذي استقبل النائب “حسبو محمد عبد الرحمن”، مثلما ودعه المساعد الآخر “إبراهيم محمود حامد”، ولما وقف “السنوسي” ينتظر عودة “حسبو” والترحيب به تذكرت ذلك اليوم في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي، كنا مجموعات جاءت من جهات متعددة نجلس في مكتب “المحبوب عبد السلام” بمباني المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي في انتظار مساعد الأمين العام الشيخ “إبراهيم السنوسي”.. وكان من بين المنتظرين “حسبو محمد عبد الرحمن” الناشط الشاب في تنظيم الحركة الإسلامية ليسمح له بالدخول للقاء الشيخ “السنوسي” واليوم يقف “السنوسي” في انتظار وصول ذات الشاب الذي أصبح الرجل الثالث في الدولة.. هي الأيام بين الناس دولاً.