ربع مقال
الخريف والخرطوم وفينيسيا “الكابلي” و”طه”..!!
خالد حسن لقمان
.. ولما كانت ولاية الخرطوم قد أعلنت هذا العام استعدادها المبكر جداً كما أدعت، فقد ظننا خيراً في أن القوم هذه المرة قد أعدوا بما استطاعوا من قوة ورباط خيل يرهبون به الخريف ويدحرونه بعد هزائم استمرت لأعوام عديدة متتالية دون حتى تعادل ولو سلبي.. ولكن هاهي ضربة فنية قاضية واحدة من هذا الحريف (بالحاء) أصابت أضلاعها الثلاثة سقطت معها هذه العجوز الشمطاء أرضاً دون حراك.. وحيث كانت النتيجة محسومة مسبقاً وفقاً للواقع الذي يشاهده الجميع أمامهم فإن العجب، بل و(الغضب) انتاب هؤلاء المغلوب على أمرهم من صراخ هذه الشمطاء ومسؤوليها من وزراء ومعتمدين بأن الأمر (تحت السيطرة) وهذا التعبير الجديد في قاموس أزماتنا كان من أهم أسباب هذا الغضب.. أي سيطرة يا هؤلاء هذه التي تحدثتم عنها وقد امتلأت الآن شوارعكم وأسواقكم وموانيكم (الجوية) و(البرية) و(العشوائية) بالمياه لنصبح هكذا فجأة وكأننا في (فينيسيا) “الكابلي” والمهندس “علي محمود طه” والتي صاغها الأخير في صيف 1938م، وغناها الأول في ذات الخرطوم المثلثة في ستينات القرن الماضي عندما كان الاستماع فيها فن وذوق وكانت أمطارها تغسل أسواقها وشوارعها وتجليها لا تغمرها بالمياه النتنة وتلطخها بالأوحال القذرة.