هل "الترابي" كان السبب؟
تحسنت علاقات السودان بالعديد من الدول العربية من بينها المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين وحتى الدول الأوربية وأخيراً الولايات المتحدة الأمريكية، قد يسأل المرء ما هو سر هذا الانفتاح والتحول الكبير في سياسات السودان الخارجية، ولماذا رضيت تلك الدول عنا وهل تحسن تلك العلاقات لها علاقة برحيل الشيخ “الترابي”، وهل كان واحداً من عدم رضا تلك الدول عنا. إذا نظرنا إلى الوضع الداخلي إبان وجود الشيخ “الترابي” كانت معظم الأمور في يده وقد ضاق الحاكمون من تلك السياسة القابضة، وربما هناك خوف من الشيخ نفسه والأمور لا تسير إلا بأمر منه، ولذلك حدثت المفاصلة التي ما زال يكتنفها الغموض ولم نر من يتحدث عنها بشفافية تامة. السياسة الخارجية السودانية الآن تمر بمرحلة تطور ونمو مع العديد من الدول فحتى اللغة الحادة أو الخطاب السابق قد تحول تماماً، فما عادت الشعارات المعادية الآن موجودة فتحول كبير قد حدث ولذلك لا ندري هل الشيخ كان السبب الأساسي في تأخر السودان، وهل تلك الدول لم تكن راضية عنه وهل كان ينفرد بالقرار وعلى الآخرين التنفيذ. فترة العشر سنوات الأولى من حكم الإنقاذ ما زالت تحتاج إلى فك العديد من طلاسمها خاصة إبان وجود الشيخ، هل كانت سياسة قابضة؟ ولماذا العداء مع الدول العربية والأجنبية؟ هل من سياسة أم قرارات فردية وما هو سر التقارب الآن مع كل دول الخليج ولماذا تحسنت العلاقات، فإن كانت سياسة الشيخ الفردية نكون قد أضعنا على السودان فترة طويلة من الزمن لنهضته وبنائه، وإن كانت حالة متعلقة بتلك الدول وما حدث من تطور في العلاقات هذه الفترة يحمد للقائمين على الأمر، وزارة خارجية وقيادات عليا في الدولة هذا الصنيع الذي أعاد للسودان وضعه الطبيعي في المنطقة. وحقيقة السودان ما كان له أن يتأخر عن ركب تلك الأمم إلا بالخطاب السابق العنيف الذي ألب عليه الدول العربية والأوربية ومن ثم أمريكا نفسها التي كانت أكثر تلك الدول عداءً له، وبسبب ذاك الخطاب ظللنا لأكثر من عشرين عاماً تحت رحمة أمريكا وحصارها الاقتصادي علينا، فالتحول الكبير الذي حدث في سياساتنا أدى أولاً إلى رفع الحصار الاقتصادي ورفع الحصار انعكس إيجاباً على الكثير من الأمور في المنطقة، وحتى التقارب الذي حدث الآن لولا أمريكا ورضاها عنا ما أظن كنا سنكون في هذا الموقف الذي يحسدنا عليه الآخرون، وحتى الحركات المسلحة التي ركبت رأسها طوال الفترة الماضية لولا التحول الأمريكي ما أظنها كانت ستلين مواقفها وتتحول من خانة الحرب إلى خانة السلم، فالمرحلة القادمة سيشهد السودان نوعاً من الاستقرار في كل شيء وقد لاحت البوادر أولاً بالحكومة القومية التي ستعلن قريباً والتي ستشارك فيها العديد من الأحزاب والقوى السياسية المختلفة، إضافة إلى الانفتاح في العلاقات مع دول الخليج بلا استثناء وأخيراً الرضا الأمريكي فكلها بشريات تساعد في استقرار الوطن. ولكن السؤال الذي يحتاج إلى الإجابة الشافية هل رحيل الشيخ “الترابي” كان له تأثير في هذا الانفتاح، وحتى المؤتمر الشعبي هل كان من السهولة اتخاذ قرار المشاركة في الحكومة بهذه السهولة، وهل بالإمكان أن يعود الدكتور “علي الحاج” بدون أي شروط، تساؤلات تحتاج إلى فك الطلاسم.