متى نعرف قدرنا؟
في واحدة من قروبات التواصل الاجتماعي، قال الأستاذ “أحمد البلال الطيب” رئيس تحرير صحيفة “أخبار اليوم” إنه في إحدى زياراته مع رئيس الجمهورية التقى رجل الأعمال الشيخ “الراجحي”، وقال الأستاذ “أحمد”: إن “الراجحي” قال لقد بلغ من العمر تسعين عاماً، وأسس أكثر من (150) أو أكثر من فرع لبنوك “الراجحي” بالمملكة العربية السعودية، وأنه يكمل (100) ألف فدان، لزراعة القمح بالولاية الشمالية، وطلب من رئيس الجمهورية زيادة المساحة، ووافق السيد الرئيس وضاعفها له لتصبح المساحة (200) ألف فدان، وقال إنه يعلم أن السودان به خير كثير، ولذلك جئت لاستثمر فيه خدمة لهذا الشعب رغم منع بعض الجهات له من ذلك، نحن في نظر كل الأمة العربية والأوربية حتى أمريكا، و”ترمب” نفسه، يعلمون أن السودان به خير كبير لنا ولبقية الأمم، ولكن من يقنع أبناء السودان بذلك؟ ولماذا يقفون عقبة أمام كل الذين يريدون الاستثمار فيه؟ لماذا يطالبونهم بالمستحيل؟ ولماذا يعكرون مزاجهم؟. إن رجل الأعمال “الراجحي” وغيره ممن عرفوا قدر السودان وطيبة أهله تناسوا الصغائر التي يقوم بها صغار الموظفين والطامعين في الثراء من جيوب الآخرين، عرفوا هذه الأمة وإمكانياتها، وإلا لما دفعوا هذه الأموال الكثيرة، فالسودان إذا زرع فيه طماطم فقط، لأغنى العديد من الدول المجاورة، ناهيك من استثمارات القمح والأرز والبرسيم وبقية الأعلاف التي لا تتوفر في كثير من بلدان العالم، وإذا سألنا أنفسنا لماذا الدول ترغب في الثروة الحيوانية السودانية، خاصة المملكة العربية السعودية، وحتى دولة مصر، لماذا تطلب الماشية السودانية؟ تطلبها لأن العشب الذي تتغذى به الماشية السودانية غير متوفر في تلك الدول، أو في كثير من دول العالم، ولذلك طعم الماشية السودانية يختلف عن طعم الماشية الأسترالية أو الأوربية أو بعض الدول العربية، أما الأرض فما زالت خصبة وما تنتجه من محاصيل زراعية مختلفة تكفي معظم دول العالم.
المواطن السوداني حتى الآن لم يعرف قدره ولم يعرف اهتمام العالم به وببلده، وإلا لترك هذا التهافت والجري وراء دريهمات زائلة، ينبغي للذين يتعاملون مع الملفات الخارجية أن يترفعوا عن الصغائر ويمسكوا فيما يفيد البلد أكثر من المنفعة الشخصية، فرجل مثل رجل الأعمال “الراجحي” الذي قال: تجاوزت التسعين من عمري، ولكن جئت إلى السودان لتكون استثماراتي فيه، فكم من “راجحي” يرغب الاستثمار في السودان، هؤلاء نحن نتباهى بهم وندفعهم للاستثمار في بلادنا بدلاً من وضع العراقيل في طريقهم ودفعهم للهروب إلى الدول الأخرى، على الدولة أن تتحرى الدقة في الموظفين الذين يعملون في هذا المجال ولابد من إخضاعهم إلى تمحيص أكثر حتى يكون الاستثمار جاذب وليس طارد، وإذا كان إنتاج “الراجحي” من القمح قد فاق الثلاثين جوالاً للفدان، فكم عدد الأفدنة التي يزرعها “الراجحي” الآن ؟ وإنتاج بهذا المستوى ألم يكن مشجعاً لبقية المستثمرين الآخرين؟. أرض السودان بكرة ويمكن أن تغذي العالم بالعديد من المحاصيل، ولكن كيف نوقف الطمع الشخصي ونرتفع للمصلحة الوطنية بدلاً من مال قليل يكب في جيب واحد.