هل تعود مراكز القوى لوزارة العدل؟
لا حديث هذه الأيام إلا عن النائب العام الجديد مولانا “عمر أحمد” رجل القانون الذي عرفته النيابات المختلفة منذ أن دخل الوزارة في العام 1988، ولقد عرفت مولانا “عمر” مثله ومثل بقية المستشارين القانونيين الذين كانوا في بدايات السلم الوظيفي بالوزارة، إذ كنت ضمن مجموعة بسيطة من الصحفيين كلفنا بتغطية أخبار النائب العام من بينهم الأساتذة “الفاتح السيد” الذي أصبح فيما بعد الأمين العام لاتحاد الصحفيين وكان محرراً بـ(سونا) و”فاطمة علي عبد الكريم” و”حسن بشير” من (سونا) أيضاً و”أسامة علي” من (السوداني) و”لوسي شاشاتي” و”شادية حامد” من (الصحافة) و”عفاف محجوب” و”نجوى حسين”، وآخرون من الصحفيين الذين انتسبوا إلى الصحف التي صدرت عقب انتفاضة رجب أبريل. وقتها كنا نعرف معظم المستشارين القانونيين إن كانوا بالمكتب التنفيذي مثل الدكتور “صلاح معروف” أو السكرتيرات “أم الحسن” و”بثينة” و”فائزة القصاص” ومولانا “محمد سعيد بدر” المدعي العام و”عابدين عثمان” و”محمد عبد الرحمن” ومولانا “عبد الجليل” والأستاذة “آمال التني” و”نجوى عبد العظيم” و”عواطف محمد عثمان” ومولانا “إدوارد رياض سكلا” المحامي العام و”شوقي حسين” رحمة الله عليه الذي تولى فيما بعد منصب وكيل الوزارة و”كاكوم” وعدد كبير من المستشارين، ما زالت تربطنا بهم علاقة طيبة امتدت أحياناً إلى المنازل في المناسبات المختلفة. كانت فترة الانتفاضة تعج بزخم سياسي شديد ولكن لم نحس أن هناك انتماءً سياسياً للمستشارين الكل يؤدي واجبه القانوني إن كان في لجان التحقيق أو في النيابات المختلفة، أو مستشارين في الوزارات السيادية. وظللنا نقوم بالواجب الصحفي والتغطية مع معظم وزراء العدل الذين تعاقبوا على الوزارة من مولانا “عمر عبد العاطي” وزير عدل الانتفاضة ومولانا “عبد المحمود الحاج صالح” وزير العدل عن حزب الأمة، ومن ثم الدكتور “حسن عبد الله الترابي” عن الجبهة الإسلامية القومية و”عبد السميع عمر”، ثم في فترة الإنقاذ مولانا الراحل “عبد العزيز شدو” ومولانا “عبد الباسط سبدرات” و”علي يس” و”محمد علي المرضي” ومولانا “دوسة”، والآن الدكتور “عوض الحسن النور”. كانت وزارة العدل أو النائب العام تقوم بالجانب المهني ولم تدخل السياسة أو مراكز القوى فيها إلا بعد أن بدأت هناك مصالح بين الدولة ومنسوبيها من المستشارين، وهنا بدأت مراكز القوى داخل النائب العام وتمددت وانقسم المستشارون إلى فئتين كل فئة تناصر الأخرى، فالفئة التي تكون أقرب إلى الحكومة تعد من الفئة المرضي عنها أما الفئة الأخرى فهذه إما أن تصمد في مواجهة الاستهداف وإما أن تغادر طائعة مختارة، وهذا خلق نوعاً من العداء بين المستشارين وكان ظاهراً في الخلاف مع المستشار “مدحت عبد القادر” والذي وصل الخلاف معه إلى باب المحاكم ولكن تمت تبرئته، ورغم تلك التبرئة أصبح من المغضوب عليهم وآخرون بعد أن جاء مولانا “عوض” الوزارة وأصدر كشف تنقلات طالت “مدحت” وحتى مولانا “عمر أحمد” الذي أعيد الآن إلى منصب النائب العام. ولكن هل سيمارس مولانا “عمر” مهامه واختصاصاته القانونية أم سيلجأ إلى مراكز القوى التي أبعدت لأسباب الكل يعلمها داخل الديوان وخارجه، وهل سلطاته وصلاحياته تعطيه الحق في إصدار كشف تنقلات جديد يعيد بموجبه الذين أبعدوا إلى ولايات السودان المختلفة، أم يقول عفا الله عما سلف ويظل ناصراً للجميع منهياً عملية التكتلات والشلليات ومراكز القوى خدمة للعدالة.