"محجوب محمد صالح" درة الصحافة السودانية!!
في حوار من حلقتين أجراه الزميل “صديق دلاي” نشر بـ(المجهر) مع القامة الإعلامية الأستاذ المحترم “محجوب محمد صالح” رئيس تحرير صحيفة (الأيام) التي بدأ مشاركاً فيها منذ العام 1953م، مع الراحلين المقيمين “بشير محمد سعيد” الذي كان حزب أمة و”محجوب عثمان” وكان اتحادياً حسب ما وصفهم الأستاذ “محجوب” في الجزء الأول من الحوار معه في ما كان يمثل اليسار هو حسب حديثه، وقال إن تلك التشكيلة جعلت (الأيام) منبراً للجميع.
لقد لمس الزميل “دلاي” جزءاً قليلاً من حياة الأستاذ “محجوب محمد صالح” ولا يمكن أن تكفي حلقتين لمشوار سبعين عاماً في بلاط صاحبة الجلالة، لقد كان الأستاذ “محجوب” واضحاً في إجاباته وقد عرف عنه عدم المجاملة في الشأن الصحفي، فكان دقيقاً في إجاباته وفي ما تفضل به من توضيحات، وإن كنت أظن أنها ناقصة. أما من قبل المحرر الذي أخذ ما يعجبه وترك الباقي، ولكن الأستاذ “محجوب” كتاب مفتوح يمكن أن يقدم أكثر لمنفعة الجيل الحالي من الصحفيين، وقد كان صريحاً وواضحاً حينما قال لم يقرأ للأستاذ “إسحق أحمد فضل الله” وهو يعد الآن من نجوم شباك الصحافة، وكذلك حينما وصف الرياضة.. أو الصحف الرياضية بأنها كرة قدم وليست صحافة رياضية، وكذلك كُتاب الأعمدة وصف كتاباتهم بالابتزاز والمهاترات.
في الديمقراطية الثالثة تولى الأستاذ “محجوب” رئاسة (الأيام) ووقتها لم تعد ملكيتها لهم وكانت ما زالت تحت سيطرة الحكومة، وبعد عام عادت (الأيام) كأسماء لأصحابها الأساتذة “بشير محمد سعيد” و”محجوب محمد صالح” و”محجوب عثمان”. كانت (الأيام) بعد 1987م، منبراً إعلامياً مؤثراً لما للثلاثة فيها من جرأة في التناول الصحفي، بل كانت (الأيام) نقطة التقاء لعدد كبير من الساسة، كانوا يأتون إليها ولا تذهب (الأيام) إليهم. ووقتها (الأيام) كان عدد المحررين فيها يعد على أصابع اليد، وكانت للأستاذ “محجوب” نظرة في الصحفيين وقتها فاختار طاقمه بعناية وكان يشرف على قسم الأخبار رغم رئاسته للتحرير، قدم تجاربه لمن معه من الصحفيين أولاداً وبناتٍ.
إن الأستاذ “محجوب محمد صالح” وبغض النظر عن الذين يختلفون معه فكرياً ولكنه مشهود له بالوطنية والإخلاص وحب هذا الوطن، فكان من المفترض أن يكرم على مستوىً عالٍ من الدولة، ولكن تعجبت كيف لا يكرم هذا الهرم الإعلامي الكبير وكيف لم يصله برنامج تواصل الذي وصل للأقل منه قامة ومكانة في منازلهم.
والأستاذ “محجوب محمد صالح” لمن لم يعرفه فهو شخصية زاهدة في نعيم الدنيا، ولكنه مخلص لهذه المهنة ولا ويوجد الآن من بلغ سنه وهو يواصل الكتابة والتحليل ويشارك في الورش والندوات، وكل شأن متعلق بهذه المهنة. كيف لهذه الدولة تكرم من لم يقدم ذرة في مجال العمل الصحفي وتتجاهل الأستاذ “محجوب”، فهو من بقي من الرعيل الأول ومن المخضرمين في هذا المجال. ألف الكُتب وساهم بقلمه ولم يبخل على تلاميذه بإسداء الرأي والنصيحة حتى للدولة، أيضاً اكتشف المواهب الفنية والغنائية ولا أدري لماذا لم تذهب إليه الفضائيات لتوثق له كما وثقت لغيره.. الاختلاف في الرأي أو الفكر لا يكون مانعاً أو حاجزاً لذلك قدموه للأجيال الجديدة لتستفيد من تجربته فهو من بقي لنا ممن نفاخر بهم في هذه المهنة.