هل يصبح السودان مارداً أفريقياً ؟!
ليس من الصعب أن تنهض دولة وتصبح من دول المقدمة اقتصادياً، فخلال الفترة الماضية ظهرت على السطح دولة ماليزيا كواحدة من الدول التي نهضت اقتصادياً، وتجاربها وأصبحت واحدة من التجارب التي يمكن أن تدرَّس إلى شعوب القارة عربياً أو أفريقياً، فالرئيس “مهاتير محمد” لم ينزل من السماء ليحكم ماليزيا، ولكن واحد من أبناء تلك الدولة استطاع بصبره وخبرته وإصراره للنهوض بماليزيا وإخراجها من دائرة الفقر إلى دائرة الاعتماد على النفس، وأجبر أبناء الشعب الماليزي أن يهبوا لنهضة وطنهم فودعوا الكسل وشمَّروا عن ساعد الجد، فنهضت ماليزيا في وقت وجيز، وربما تضاف إلى النمور الآسيوية. ومن التجارب الجديدة في القارة تجربة تركيا وربما تكون هي أيضاً واحدة من التجارب الجديدة، فقاد “أردوغان” تركيا لتكون من بين الدول الثمانية الكبار في العالم اقتصادياً، واستطاع أن ينهض بدولته وارتفع دخل الفرد من مائتي دولار إلى عشرين ألف دولار، أي تضاعف الدخل عشر مرات وسجلت نمواً اقتصادياً كبيراً خلال فترة وجيزة، وما زالت تركيا تسجل أرقاماً جديدة في الاقتصاد الوطني، و”أردوغان” أيضاً لم ينزل من السماء ولم يمتلك عصا موسى لينهض ببلاده، ولكن بالجد والإصرار واتخاذ القرارات القوية هي التي أعطت لتركيا هذا التميز، وهناك مارد أفريقي في الطريق وهو دولة أثيوبيا التي تنطلق بسرعة الصاروخ، ليكون لها وجود في المنطقة وليس صعباً أن تسجل أثيوبيا خلال الأعوام القليلة القادمة رقماً قياسياً في النمو الاقتصادي طالما هناك قيادة تحث شعبها على العمل، وقد لاحظنا كيف استطاع الشعب الأثيوبي أن يقدم كل ما يملك من أجل قيام سد النهضة والذي سيدخل الخدمة اعتباراً من العام القادم، ولن يصدق أحد أن سد النهضة قد جاء بجهد أثيوبي دون أي منح أو إعانات أو أي مال آخر، فالشعب الأثيوبي هو الذي قام به، إضافة إلى النهضة التي تنتظم أثيوبيا في كل شيء، والسودان ليس أقل عن تلك النمور أو تلك الدول التي نهضت مؤخراً، فله من الإمكانيات البشرية الممثلة في شعبه، بالإضافة إلى الموارد الهائلة إن كانت في باطن الأرض أو على السطح، بجانب المياه المتدفقة من أنهاره المتعددة، والسودان دولة مهيأة أن تكون مارداً أفريقياً إذا تضافرت كافة الجهود واتجهنا إلى العمل سوياً بدلاً عن الكيد الذي نراه الآن، إن كان من أحزابنا أو مثقفينا الذين لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب. نحن دولة يمكن أن نكون في مقدمة الدول، علَّمنا شعوب العالم كل شيء، فمن السهل أن ننهض اقتصادياً في فترة وجيزة.