توصيات الحوار هل تعيد الاستقرار للوطن؟
يتسلم رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” صباح غدٍ (الاثنين) توصيات الحوار الوطني التي عكف عليها عدد كبير من أبناء الشعب السوداني، وكانت قاعة الصداقة قد شهدت قبل عام أو أكثر تلك اللجان والتي يتسلم توصياتها، ومن المؤمل معالجة كثير من القضايا التي أقعدت السودان عن التطور ستين عاماً، ولكن السؤال الذي يدور الآن في أذهان كثير من الشعب السوداني بالداخل والخارج العلماء والمثقفين والبسطاء، هل هذه التوصيات ستحل مشاكل السودان؟ وهل سترضي طموح الكافة ؟ وهل حقاً سيتحول السودان إلى الديمقراطية التي ينشدها الجميع أم أن اللجان التي جلست عاماً وتوصلت إلى تلك النتائج ستذروها الرياح؟.
إن مشكلة السودان ليست في وضع توصيات، ولكن المشكلة تكمن في أبناء هذا الشعب بمختلف مشاربه السياسية وغيرها.. فالسودان وطن يسع الجميع ولكن البعض جعله وطن ينفر منه الجميع.. ظللنا لستين عاماً نعيش صراع الحكم من يحكم السودان؟ هل تحكمه المؤسسة العسكرية أم تحكمه الأحزاب السياسية؟ فالمؤسسة العسكرية تدخلت عدة مرات لإعادة توازن الأحزاب السياسية التي فشلت في التوافق فيما بينها لإدارة عجلة الحكم، ولاحظنا منذ الاستقلال الذي أعاد للوطن والمواطن السيادة والاستقلال من التبعية المصرية أو التركية أو الإنجليزية، ولكن أحزابنا السياسية وعلى مشاربها المختلفة لم تفكر إلا في نفسها، كل همها أن تحكم بأي طريقة من الطرق، ولذلك فشلت الائتلافات الحزبية، لأن كل حزب يريد أن ينال وزارة المالية أو التجارة أو الداخلية باعتبارها من الوزارات المهمة، وحينما يفشل أعضاء الحزب أو قياداته في الوصول لاتفاق فيما بينهم تدق (مزيكة) المؤسسة العسكرية للتدخل، لأن الفوضى ضربت أرجاء الوطن، ولكن حتى المؤسسة العسكرية حينما تتدخل تجد بعد فترة من الزمن العراقيل من تلك الأحزاب نفسها التي فشلت في التوافق فيما بينها فتجمعه القوى السياسية بعد أن كانت مختلفة في مواجهة المؤسسة العسكرية فتشكل عليها ضغوطاً من الداخل والخارج خاصة وأن هناك حكاماً يعملون على زعزعة الاستقرار في أي بلد يكون بينه وبينهم خلاف، فيزوِّد أولئك المعارضين بالأسلحة التي تزعزع استقرار البلاد وبذلك يرمي المعارضين أنفسهم في أحضان تلك الدول أو المنظمات فيحطمون بلادهم من أجل حفنة من الدولارات، ولذلك ظل حال السودان طوال تلك الفترة انتخابات تقام وأحزاب سياسية تحكم، ثم تفشل فيتدخل العسكر فيحكمون عدداً من السنين ثم تعود الدوامة من جديد، لذا يجب أن يكون ما توصل إليه أبناء السودان والتوصيات التي يتسلمها السيد الرئيس غداً فيها استقرار وتنمية وسلام لهذا الوطن بدلاً عن الحرب التي مزقت أطرافه وأهله وشتَّتهم أيدي سبا.